أتوا بالمأمور به واجتنبوا المنهيات الْحُسْنى وَزِيادَةٌ أي نضرة الوجوه ورؤية الله تعالى. وعن ابن عباس: أن الحسنى هي الحسنة والزيادة عشر أمثالها. وعن علي: الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة وَلا يَرْهَقُ أي لا يعلو وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ أي سواد وَلا ذِلَّةٌ أي أثر هوان أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٦) أي دائمون بلا انتقال وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ أي الكفر والمعاصي جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها من غير زيادة بعدل الله تعالى وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ أي ويعلو أنفسهم ذلة عظيمة ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ أي ما لهم عاصم من عذاب الله كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أي كأن الوجوه ألبست سوادا من الليل لفرط سوادها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً أي نحشر الكل حال اجتماعهم لا يتخلف منهم أحد وهو يوم القيامة ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أي نقول للمشركين من بينهم: مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ أي الزموا أنتم ومن عبدتموه من دون الله مكانكم حتى تسألوا وتنظروا ما يفعل بكم فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ أي فباعدنا بين المشركين ومعبوداتهم بعد الجمع في الموقف، وتبرأ شركاؤهم منهم ومن عبادتهم وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ لهؤلاء المشركين ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ (٢٨) بأمرنا وإرادتنا إنما كنتم تعبدون أهواءكم وشياطينكم الذين أغووكم فإنها الآمرة لكم بالإشراك فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ (٢٩) أي إنا كنا عن عبادتكم لجاهلين لا نعلمها ولا نرضى بها هُنالِكَ أي في ذلك المقام أو في ذلك الوقت تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ بالتاء، فالباء على القراءة المشهورة أي تذوق كل نفس سعيدة أو شقية ما قدمت من عمل فتعلم نفعه وضره.
وقرأ حمزة والكسائي «تتلو» بتاءين أي تقرأ كل نفس في صحيفة أعمالها ما قدمت من خير أو شر أو تتبع ما أسلفت، لأن عملها هو الذي يهديها إلى طريق الجنة أو إلى طريق النار.
وقرأ عاصم «نبلو كل نفس» بالنون والباء ونصب «كل»، أي نختبر كل نفس بسبب اختبار ما أسلفت من العمل، أي نفعل بها فعل المختبر، أو المعنى نصيب بالبلاء- الذي هو العذاب- كل نفس عاصية بسبب ما أسلفت من الشر وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أي أعرض الذين أشركوا عن المولى الباطل ورجعوا إلى المولى الحق وأقروا بألوهيته بعد أن كانوا في الدنيا يعبدون غيره، وردوا إلى حكمه وَضَلَّ عَنْهُمْ أي ضاع عنهم في الموقف ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠) أي يدعون أن معبوداتهم آلهة وأنها تشفع لهم
قُلْ لأولئك المشركين: مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أي رزقا مبتدأ منهما أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ أي بل من يستطيع خلق الأسماع والأبصار ومن يحفظهما من الآفات.
وعن علي رضي الله تعالى عنه كان يقول: سبحان من بصر بشحم، وأسمع بعظم، وأنطق بلحم وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ أي ومن يقدر أن يخرج الإنسان من


الصفحة التالية
Icon