وأجرا اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ أي بما في قلوبهم من الإيمان إِنِّي إِذاً أي إذا قلت ذلك لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١) لنفسي ولهم في وصفهم بأنهم لا خير لهم مع أن الله أعطاهم خيري الدارين قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا أي فأتيت بأنواع الجدال فَأْتِنا بِما تَعِدُنا من العذاب إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢) فيما تقول قالَ أي نوح إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ أي إن الإتيان بالعذاب الذي تستعجلونه أمر خارج عن دائرة القوى البشرية وإنما يفعله الله تعالى إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣) أي بمانعين من العذاب بالهرب أو بالمدافعة كما تدفعونني في الكلام وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ أي إن كان الله يريد أن يضلكم عن الهدى فإن أردت أن أحذركم من عذاب الله وأدعوكم إلى التوحيد لا ينفعكم دعائي إلى التوحيد وتحذيري إياكم من عذاب الله. هُوَ رَبُّكُمْ أي مالك التصرف في ذواتكم وفي صفاتكم قبل الموت وعند الموت وَإِلَيْهِ تعالى تُرْجَعُونَ (٣٤) بعد الموت فيجازيكم على أعمالكم أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أي بل أيقول قوم نوح: إن نوحا افترى بما أتانا به من عند نفسه مسندا إلى الله تعالى. قُلْ يا نوح: إِنِ افْتَرَيْتُهُ أي إن اختلقت الوحي الذي بلغته إليكم من تلقاء نفسي فَعَلَيَّ إِجْرامِي أي فعلي عقاب اكتسابي للذنب وإن كنت صادقا وكذبتموني فعليكم عقاب ذلك التكذيب وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥) أي من عقاب كسبكم الذنب بإسناد الافتراء إليّ وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦) أي فلا تحزن بما كانوا يتعاطونه من التكذيب والإيذاء في هذه المدة الطويلة فقد انتهى أفعالهم وحان وقت الانتقام منهم وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا أي اصنع السفينة ملتبسا بإبصارنا لك وتعهدنا بتعليمك كيفية صنعها وَوَحْيِنا أي وبأمرنا لك وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا أي لا تدعني باستدفاع العذاب عنهم، أو المعنى لا تراجعني في نجاة الذين كفروا: ابنك كنعان وامرأتك واعلة «١» إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧) أي محكوم عليهم بالإغراق بالطوفان وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ أي أقبل نوح يصنعها وجعل يقطع الخشب، ويضرب الحديد، ويهيئ القار وكل ما يحتاج إليه في عملها.
وقال ابن عباس: اتخذ نوح السفينة في سنتين فكان طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين ذراعا، وطولها في السماء ثلاثين ذراعا، وكانت من خشب الساج. وجعل لها ثلاث بطون،

(١) ورد في تفسير القرطبي لسورة هود: «وكان اسم امرأة نوح: والهة، واسم امرأة لوط:
والعة قاله مقاتل. وقال الضحّاك عن عائشة رضي الله عنها: إن جبريل نزل على النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبره أن اسم امرأة نوح: واعلة، واسم امرأة لوط: والهة»
.
وورد في تفسير الجلالين لسورة هود: «كانت امرأة نوح اسمها: واهلة... وامرأة لوط واسمها: واعلة».


الصفحة التالية
Icon