السلام أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين قالَ أي الله تعالى: يا نُوحُ إِنَّهُ أي هذا الابن الذي سألتني نجاته لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الذي وعدتك أن أنجيهم معك إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ أي لأن هذا الابن ذو عمل غير مرضي.
وقرأ الكسائي ويعقوب «عمل» على صيغة الفعل و «غير» بالنصب أي لأنه عمل عملا غير مرضي وهو الشرك فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ أي إذا وقفت على جلية الحال فلا تطلب مني مطلبا لا تعلم يقينا أن حصوله صواب وموافق للحكمة إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٤٦) أي إني أنهاك عن أن تكون من الجاهلين بالسؤال. سمي سؤاله عليه السلام جهلا لأنّ حب الولد شغله عن تذكر استثناء من سبق عليه القول منهم بالإهلاك قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ أي أعوذ بك من أن أطلب منك من بعد هذا مطلوبا أعلم أن حصوله مقتضى الحكمة وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي جهلي وإقدامي على سؤال ما ليس لي به علم وَتَرْحَمْنِي بقبول توبتي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٤٧) أعمالا وليس في الآيات ما يقتضي صدور ذنب ومعصية من نوح عليه السلام سوى إقدامه على سؤال ما لم يؤذن له فيه وهذا ليس بذنب ولا معصية وإنما لجأ إلى الله تعالى وسأله المغفرة والرحمة لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين قِيلَ أي قال الله: يا نُوحُ اهْبِطْ أي انزل من السفينة بِسَلامٍ أي ملتبسا بأمن من جميع المكاره المتعلقة بالدين مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ أي خيرات نامية عليك وهذا بشارة من الله تعالى بالسلامة من التهديد وبنيل الحاجات من المأكول والمشروب وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ أي وعلى أمم مؤمنة ناشئة من الذين معك إلى يوم القيامة وَأُمَمٌ كافرة متناسلة مِمَّنْ مَعَكَ أي وعلى أمم مؤمنة ناشئة من الذين معك إلى القيامة وَأُمَمٌ كافرة متناسلة ممن معك سَنُمَتِّعُهُمْ مدة في الدنيا ثُمَّ في الآخرة يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٨) فقوله وأمم مبتدأ وجملة قوله سنمتعهم خبر تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ أي تلك التفاصيل التي بيناها من الأخبار التي كانت غائبة عن الخلق نُوحِيها أي تلك الأخبار إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ بطريق التفصيل مِنْ قَبْلِ هذا أي من قبل إيحائنا إليك بنزول القرآن فَاصْبِرْ على أذى هؤلاء الكفار كما صبر نوح على أذى أولئك الكفار إِنَّ الْعاقِبَةَ أي آخر الأمر بالظفر في الدنيا وبالفوز في الآخرة لِلْمُتَّقِينَ (٤٩) كما عرفته في نوح وقومه ولك فيه أسوة حسنة وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ أي ولقد أرسلنا إلى عاد واحدا منهم في النسب نبيهم هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ بالرفع صفة للمحل وبالجر على قراءة الكسائي صفة للفظ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (٥٠) أي كاذبون في قولكم: إن الأصنام تستحق العبادة
يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أي على إرشادكم إلى التوحيد أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أي خلقني أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١) أني مصيب في المنع من عبادة الأصنام وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ أي سلوه أن يغفر لكم ما تقدم من شرككم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ من بعد التوحيد بالندم على ما مضى وبالعزم على أن لا تعودوا لمثله يُرْسِلِ السَّماءَ أي المطر عَلَيْكُمْ مِدْراراً أي كثير السيلان وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ بالمال والولد والشدة


الصفحة التالية
Icon