موافقة التوراة فلم يسلموا حزن النبي صلّى الله عليه وسلّم فنزلت هذه وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ أي على تبليغ الأنباء التي أوحينا إليك مِنْ أَجْرٍ كما يفعله حملة الإخبار إِنْ هُوَ أي القرآن الذي أوحينا إليك إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (١٠٤) عامة أي عظة من الله تعالى لهم في دلائل التوحيد والنبوة، والمعاد والتكاليف والقصص فإن الوعظ العام ينافي أخذ الأجر من البعض، وهذا القرآن مشتمل على هذه المنافع العظيمة ولا تطلب منهم مالا فلو كانوا عقلاء لقبلوا منك وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ أي وكم من عدد شئت من العلامات الدالة على وجود الصانع ووحدته وكمال قدرته وعلمه وحكمته غير هذه الآية التي جئت بها كائنة فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من الأجرام الفلكية وتغير أحوالها ومن الجبال والبحار وسائر ما في الأرض من العجائب يَمُرُّونَ عَلَيْها أي يشاهدونها ولا يتأملون فيها.
وقرئ برفع «والأرض» على الابتداء و «يمرون عليها» خبره. وقرأ السدي بنصبها على معنى ويطؤن الأرض. وَهُمْ عَنْها أي الآية مُعْرِضُونَ (١٠٥) أي غير متفكرين فيها فلا عجب إذا لم يتأملوا في الدلائل الدالة على نبوتك يا أشرف الخلق وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦) أي لا يؤمن أكثرهم بوجود الله إلا في حال شركهم فالكافرون مقرون بوجود الله لكنهم يثبتون له شريكا في المعبودية. وعن ابن عباس أن أهل مكة قالوا: الله ربنا وحده لا شريك له والملائكة بناته.
وقال عبدة الأصنام: ربنا الله وحده والأصنام شفعاؤنا عنده، وقالت اليهود: ربنا الله وحده وعزيز ابن الله، وقالت النصارى: ربنا الله وحده لا شريك له والمسيح ابن الله، وقال عبدة الشمس والقمر: ربنا الله وحده وهؤلاء أربابنا وكل من هؤلاء لم يوحدوا بل أشركوا. وقال المهاجرون والأنصار: ربنا الله وحده ولا شريك معه أَفَأَمِنُوا أي أهل مكة أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أي أفلم يخافوا أن تأتيهم في الدنيا عقوبة تشملهم أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أي فجأة من غير سبق علامة وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٠٧) بإتيانها غير مستعدين لها. قُلْ يا أشرف الخلق لأهل مكة:
هذِهِ أي الدعوة إلى التوحيد والإيمان بالإخلاص سَبِيلِي أي ديني أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ بهذا الدين عَلى بَصِيرَةٍ أي حجة واضحة أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي «فأدعوا» إما مستأنف أو حال من الياء «وعلى بصيرة» إما حال من فاعل «أدعوا» أو من الياء، و «أنا» إما توكيد للمستكن في «أدعوا» أو في «على بصيرة»، «ومن اتبعني» عطف على فاعل «أدعو».
قال صلّى الله عليه وسلّم: «العلماء أمناء الرسل على عباد الله من حيث يحفظون لما يدعونهم إليه»
«١». وَسُبْحانَ اللَّهِ أي وأسبح سبحان الله وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨) الذين اتخذوا مع الله ضدا وولدا وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى وهذا رد على أهل مكة حيث أنكروا نبوة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم وقالوا: هلا بعث الله