وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من رأى شيئا فأعجبه فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يصره»
«١». إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً (٣٩) وخدما في الدنيا فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ أي يعطيني في الآخرة خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ لإيماني وَيُرْسِلَ عَلَيْها أي على جنتك حُسْباناً أي نارا مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠) أي فتصير جنتك أرضا ملساء لا نبات فيها بحيث تزلق الرجل لكفرك
أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً أي غائصا في الأرض فَلَنْ تَسْتَطِيعَ أنت لَهُ أي الماء طَلَباً (٤١) أي حيلة تدركه بها وقوله تعالى: أَوْ يُصْبِحَ عطف على قوله تعالى: فَتُصْبِحَ وإن كان الحسبان بمعنى النار لأنها الحكم الإلهي بتخريب الجنة فيتسبب عنه صيرورتها ترابا أملس، أو صيرورة مائها غائر إثم أخبر الله تعالى أنه حقق ما قدره هذا المؤمن فقال: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ أي أهلك ثمر بستانه بالكلية وجميع أمواله فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ أي صار يضرب إحداهما على الأخرى، وإنما يفعل هذا ندامة عَلى ما أَنْفَقَ فِيها أي في عمارة جنته لأنه أنفق ما يمكن ادخاره من الأموال الكثيرة في مثل هذا الشيء السريع الزوال وقوله: «على ما أنفق» متعلق ب «يقلب» لأنه ضمن معنى يندم كأنه قيل: فأصبح يندم على ما صنع فإنه من عظمت ندامته يصفق إحدى يديه على الأخرى وَهِيَ أي الجنة خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها أي ساقطة على سقوف الجنة، وهي سقطت على الجدران. وهذه اللفظة كناية عن هلاك البستان بالكلية وَيَقُولُ أي الكافر- تلهفا على تلف المال أي تنبهوا يا قومي-: يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (٤٢) وهذا الكافر تذكر كلام المؤمن وعلم إنما هلكت جنته بشؤم شركة فتمنى أن لا يكون مشركا فلم يصبه ما أصابه وَلَمْ تَكُنْ لَهُ أي الكافر فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ بدفع الهلاك عن الجنة أو برد الهالك منها أو بإتيان مثله مِنْ دُونِ اللَّهِ فإنه وحده قادر على ذلك.
وقرأ حمزة والكسائي و «لم يكن» بالياء التحتية. والباقون بالتاء الفوقية وَما كانَ مُنْتَصِراً (٤٣) أي قادرا بنفسه على واحد من هذه الأمور هُنالِكَ الْوَلايَةُ أي في مثل ذلك الوقت وفي ذلك المقام النصرة لِلَّهِ الْحَقِّ فلا يقدر عليها أحد. وقرأ حمزة والكسائي «الولاية» بكسر الواو بمعنى الملك فالمعنى أي في تلك الدار الآخرة السلطان لله. والباقون بفتحها أي النصرة.
وقرأ أبو عمرو والكسائي «الحق» بالرفع صفة للولاية. وقرأ الباقون بالجر صفة لله أي الثابت الذي لا يزول هُوَ تعالى خَيْرٌ ثَواباً أي إثابة في الآخرة لمن آمن به والتجأ إليه وَخَيْرٌ عُقْباً (٤٤) أي عاقبة لمن رجاه وعمل لوجهه. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو ونافع والكسائي وابن عامر بضم القاف. وعاصم وحمزة بتسكينها. وقرئ «عقبى» كرجعى والكل بمعنى العاقبة. وَاضْرِبْ لَهُمْ

(١) رواه العجلوني في كشف الخفاء (٢: ١٠٠). [.....]


الصفحة التالية
Icon