ليقضي بينهم صفًّا أي مصطفين وقد ورد في الحديث الصحيح: «يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد صفوفا» «١»
وفي حديث آخر: «أهل الجنة مائة وعشرون صفا أنتم منها ثمانون» «٢» اهـ.
مقولا لهم: لقَدْ جِئْتُمُونا كائنين
كما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ حفاة عراة غرلا بلا أموال وأعوان
بلْ زَعَمْتُمْ في الدنيا
ألَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً أي وقتا للبعث وَوُضِعَ الْكِتابُ أي وضع في هذا اليوم كتاب كل إنسان في يده اليمنى إن كان مؤمنا وفي يده اليسرى إن كان كافرا فقد تطايرت الكتب إلى أيدي الخلق مثل الثلج فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ أي المشركين والمنافقين مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ أي خائفين مما في الكتاب من أعمالهم الخبيثة أي يحصل لهم خوف العقاب من الله بذنوبهم وخوف الفضيحة عند الخلق بظهور الجرائم لأهل الموقف وَيَقُولُونَ عند وقوفهم على ما في الكتاب من السيئات يا وَيْلَتَنا أي يا هلكتنا مالِ هذَا الْكِتابِ أي أيّ شيء له لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً من أعمالنا إِلَّا أَحْصاها أي عدها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا في الدنيا من السيئات حاضِراً أي مكتوبا في صحفهم وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩) فلا ينقص من حسنات أحد ولا يزيد على سيئات أحد وَإِذْ قُلْنا أي واذكر لهم وقت قولنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا جميعا امتثالا بالأمر إِلَّا إِبْلِيسَ فإنه لم يسجد بل تكبر على آدم، لأنه افتخر بأصله كانَ مِنَ الْجِنِّ أي من نوع الجن الذين هم الشياطين فالذي خلق من نار هو أبوهم فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أي خرج عن طاعته بترك السجود أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ أي أبعد ما وجد من إبليس ما وجد تتخذونه وذريته أصدقاء يا بني آدم مِنْ دُونِي فتطيعونهم بدل طاعتي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ أي والحال أن إبليس وذريته لكم أعداء بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (٥٠) من الله تعالى في الطاعة إبليس وذريته وعن مجاهد قال: ولد إبليس خمسة بتر والأعور وزلنبور ومشوط، وداسم، فبتر:
صاحب المصائب، والأعور: صاحب الزنا زلنبور الذي يفرق بين الناس ويبصر الرجل عيوب غيره ومشوط صاحب الصخب والأخبار يأتي بها فيلقيها في أفواه الناس ولا يجدون لها أصلا وداسم الذي إذا دخل الرجل بيته ولم يسلم ولم يذكر اسم الله دخل معه وإذا أكل ولم يذكر اسم الله أكل معه
ما أَشْهَدْتُهُمْ أي ما أحضرت إبليس وذريته خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فإني خلقتهما قبل خلقهم وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ أي ولا أشهدت بعضهم خلق بعض وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ

(١) رواه البخاري في كتاب التفسير، باب: تفسير سورة ١٧، ومسلم في كتاب الإيمان، باب:
٣٢٧، والترمذي في كتاب القيامة، باب: ١٠، والدارمي في كتاب الرقاق، باب: في سجود المؤمنين يوم القيامة، وأحمد في (م ١/ ص ٤).
(٢) رواه الطبراني في المعجم الكبير (١٩: ٤١٩)، والطحاوي في مشكل الآثار (١: ١٥٦)، والمتقي الهندي في كنز العمال (٣٤٥١٢).


الصفحة التالية
Icon