يُوحى إِلَيَّ من تلك الكلمات. أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا شريك له في الخلق ولا في سائر أحكام الألوهية وإنما تميزت عنكم بذلك الوحي، فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ أي فمن استمر على رجاء كرامته تعالى فَلْيَعْمَلْ لتحصيل تلك الطلبة العزيزة عَمَلًا صالِحاً لائقا بذلك المرجو كما فعله الذين آمنوا وعملوا الصالحات وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (١١٠) إشراكا جليا كما فعله الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ولا إشراكا خفيا كما يفعله أهل الرياء.
روي أن جندب بن زهير العامري قال لرسول صلّى الله عليه وسلّم: إني لأعمل العمل لله فإذا اطلع عليه سرني فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله لا يقبل ما شورك فيه» «١». فنزلت هذه الآية تصديقا له
وروي أنه صلّى الله عليه وسلّم قال له: «لك أجران أجر السر وأجر العلانية»
«٢».
فالرواية الأولى: محمولة على ما إذا قصد بعمله الرياء والسمعة.
والرواية الثانية: محمولة على ما إذا قصد أن يقتدى به. والمقام الأول مقام المبتدئين والمقام الثاني مقام الكاملين. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين آمين.
(تم الجزء الأول من تفسير مراح لبيد. ويليه الجزء الثاني أوله سورة مريم)
(٢) رواه ابن ماجة في كتاب الزهد، باب: الثناء الحسن، والترمذي في كتاب الزهد، باب:
٤٩.