وتصرف في ملكه تصرفا تاما. فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٥٩) أي فاسأل أيها الإنسان عنه تعالى عالما بصفاته من الراسخين في العلم، وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ أي وإذا قيل لكفار مكة: اخضعوا للرحمن بالتوحيد والصلاة وغير ذلك. قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ: وما نعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذب أي فإنهم اعترفوا بالله لكنهم جهلوا أن هذا الاسم من أسماء الله تعالى أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا أي للذي تأمرنا بسجوده من غير أن نعرف السجود له ماذا.
وقرأ حمزة والكسائي بالياء أي أنسجد لما يأمرنا المسمى بالرحمن ولا نعرف ما هو هل هو مسيلمة الكذاب أو غيره أو كان الضمير راجعا لسيدنا محمد على أن بعضهم قال لبعض: أنسجد لأمر محمد إيانا بالسجود من غير معرفتنا للمسجود له. وَزادَهُمْ أي الأمر بسجود الرحمن نُفُوراً (٦٠) أي تباعدا عن الإيمان
تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً أي منازل الكواكب السبعة السيارة المنظومة في قول بعضهم:
زحل شرى مريخه من شمسه | فتزاهرت لعطارد الأقمار |
حمل الثور جوزة السرطان | ورعى الليث سنبل الميزان |
ورمى عقرب بقوس لجدي | نوح الدلو بركة الحيتان |
وَجَعَلَ فِيها أي البروج سِراجاً وهو الشمس.
وقرأ حمزة والكسائي «سرجا» بضم السين والراء وهي الشمس والكواكب الكبار، وَقَمَراً مُنِيراً (٦١) أي مضيئا بالليل. وقرأ الحسن والأعمش و «قمرا» وهي جمع قمراء، لأن الليالي تكون قمراء بالقمر وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً أي يعتقبان يأتي أحدهما بعد الآخر لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ. قرأ حمزة بسكون الذال وضم الكاف. والباقون بفتح الذال والكاف مشددتين. وعن أبي بن كعب: ليتذكر أي لينظر الناظر في اختلافهما، فيعلم أنه لا بد في انتقالهما من حال إلى حال من صانع رحيم للعباد، أَوْ أَرادَ شُكُوراً (٦٢) أي ليشكر الشاكر على النعمة فيهما من السكون بالليل والتصرف في النهار. وقال عمر بن الخطاب، وابن عباس، والحسن، معنى الآية: من فاته شيء من الخير بالليل أدركه بالنهار. ومن فاته بالنهار أدركه بالليل وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً أي هينين أي إن مشى عباد الله المقبولين في لين وسكينة وتواضع لا يضربون بأقدامهم، ولا يتبخترون لأجل الخيلاء. وعن زيد بن أسلم قال: التمست