إسرائيل وذبح أبنائهم، وكان بنو إسرائيل في ذلك الوقت ستمائة ألف وثلاثين ألفا
قَوْمَ فِرْعَوْنَ عطف بيان أَلا يَتَّقُونَ (١١).
وهذا كلام مستأنف جيء به حملا لموسى على التعجب من حالهم في الظلم والعسف، ومن عدم خوفهم أي تعجب يا موسى من عدم تقواهم.
وقرئ بكسر النون والأصل ألا يتقونني، فحذفت النون لاجتماع النونين والياء للاكتفاء بالكسرة. وقرئ بتاء الخطاب على طريقة الالتفات الدال على زيادة الغضب عليهم، أي قل لهم: ألا تخافون عقاب الله ف «ألا» للتنبيه وللعرض. قالَ أي موسى إظهارا لعجزه وطلبا للمعونة: رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) من أول الأمر وَيَضِيقُ صَدْرِي بتكذيبهم إياي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي بسبب ضيق القلب، وهذان الفعلان مرفوعان معطوفان على «أخاف».
وقرأ زيد بن علي، وطلحة، وعيسى، والأعمش بالنصب فيهما معطوفان على صلة «أن» و «الأعرج» بنصب الأول ورفع الثاني، فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ (١٣) أي فأرسل جبريل إلى أخي هارون ليكون رسولا مصاحبا لي في دعوة فرعون وقومه: وكان هارون إذ ذاك بمصر وموسى في المناجاة في الطور وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ أي تبعة قتل القبطي فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) به قبل أداء الرسالة، كما ينبغي إن أتيتهم وحدي فيفوت المقصود من الرسالة. قالَ الله: كَلَّا أي ارتدع يا موسى عما تظن أو حقا لا أسلطهم عليك بالقتل، فَاذْهَبا أي اذهب أنت ومن طلبته- وهو هارون- بِآياتِنا الدالة على صدقكم، أي فإنها تدفع خوفكما إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥) أي لكما ولعدوكما ناصر لكما عليه، وسامع لما يجري بينكما وبينه فأعلّيكما عليه، وأكسّر شوكته عنكماأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
(١٦) إليك وإلى قومك وإفراد الرسول لاتحادهما
بسبب الأخوة واتفاقهما على شريعة واحدة، أو لأن المعنى: إن كل واحد منا رسول رب العالمين. أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (١٧)، و «أن» مفسرة، أي أطلقهم وخلهم وشأنهم ليذهبوا معنا إلى الشام، فانطلقا إلى فرعون، وقالا له ما أمرا به، وروى وهب وغيره: أنهما لما دخلا على فرعون وجداه وقد أخرج سباعا من أسد ونمور وفهود، يتفرج عليها، فخاف خدامها أن تبطش بموسى وهارون فأسرعوا إليها وأسرعت السباع إلى موسى وهارون، فأقبلت تلحس أقدامهما وتبصبص إليهما بأذنابها، وتلصق خدودها بفخذيهما، فعجب فرعون من ذلك فقال: ما أنتما؟ قالا: إنّا رسول رب العالمين فعرف هو موسى عليه السلام:
قالَ عند ذلك لموسى عليه السلام أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا أي في منازلنا وَلِيداً أي صغيرا وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨) ثلاثين سنة، ثم خرج إلى مدين وأقام بها عشر سنين، ثم عاد إليهم يدعوهم إلى الله تعالى ثلاثين سنة، ثم بعد الغرق خمسين سنة. وقيل: مكث عليه الصلاة والسلام عند فرعون خمس عشرة سنة وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وهي وكز القبطي حتى مات وَأَنْتَ مِنَ