فرعون. وقوله تعالى: وَنُرِيدُ إلخ معطوف على قوله: إِنَّ فِرْعَوْنَ إلخ لأنهما وقعا تفسيرين لنبأ موسى وفرعون أو حال من «طائفة» بتقدير المبتدأ، أي ونحن نريد وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً أي قادة إلى الخير متقدمين في أمور الدين بعد أن كانوا أتباعا مسخرين لآخرين، وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥) لملك فرعون وأرضه وما في يده، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ أي ننفذ أمرهم في أرض مصر والشام يتصرفون فيها ما يشاءون، وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (٦) أي ونري، رؤية بصرية، فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يخافونه من المستضعفين من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولود من بني إسرائيل.
وقرأ حمزة والكسائي «ويرى» بالياء المفتوحة وبفتح الراء مع الإمالة ورفع ما بعده.
وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ أي ألهمنا أم موسى يوحانذ بنت لاوى بن يعقوب أن أرضعي هذا الصبي، فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ أي اشتد خوفك عليه من الذبح بأن يفطن بن جيرانك ويسمعون صوته عند البكاء فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ أي بحر النيل وَلا تَخافِي من هلاكه بالغرق ونحوه.
وَلا تَحْزَنِي بسبب فراقه إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ من قريب لتكوني أنت المرتضعة له وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧) إلى أهل مصر والشام.
قال ابن عباس: إن أم موسى لما تقاربت ولادتها بأن أحست بالطلق أرسلت إلى- قابلة وكانت مصافية لأم موسى- وقالت لها: لينفعني اليوم حبك إياي، فجلست القابلة تعالجها، فلما نزل موسى إلى الأرض هالها نور بين عينيه فارتعش كل مفصل منها، ودخل حب موسى قلبها فقالت: يا هذه ما جئتك إلا لقتل مولودك ولكني وجدت لابنك هذا حبا شديدا، فاحفظي ابنك، فلما خرجت القابلة من عندها أبصرها بعض العيون فجاء إلى بابها ليدخل على أم موسى فقالت أخته: يا أماه هذا الحارس بالباب فلفته بخرقة ووضعته في تنور مسجور، فطاش عقلها، فلم تعقل ما تصنع، فدخل، فإذا التنور مسجور، ورأى أم موسى لم يتغير لها لون ولم يظهر لها لبن فقال: لم دخلت القابلة عليك؟! قالت: إنها حبيبة لي دخلت للزيارة، فخرج من عندها فرجع إليها عقلها فقالت لأخت موسى: أين الصبي؟ قالت: لا أدري! فسمعت بكاء في التنور، فانطلقت إليه وقد جعل الله النار عليه بردا وسلاما، فأخذته، ثم إن أم موسى عليه السلام لما رأت جد فرعون في طلب الولد خافت على ابنها، فقذف الله في قلبها أن تتخذ له تابوتا، ثم تقذف التابوت في النيل، فذهبت إلى نجار من قوم فرعون، فاشترت منه تابوتا صغيرا فقال لها: ما تصنعين به؟ فقالت: لي ابن أخبؤه فيه، فلما انصرفت ذهب النجار إلى الذباحين ليخبرهم بذلك، فلما جاءهم، أمسك الله لسانه وجعل يشير بيده، فضربوه وطردوه، فلما عاد إلى موضعه رد الله عليه نطقه فذهب مرة أخرى ليخبرهم، فأخذ الله لسانه وبصره فجعل لله تعالى إنه إن رد عليه بصره ولسانه لا يدلهم عليه فعلم الله تعالى منه الصدق، فرد الله عليه ذلك وانطلقت أم موسى وألقته في


الصفحة التالية
Icon