فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ أي إلى مالك أمرهم يَنْسِلُونَ (٥١) أي مخرجون بسرعة بطريق الإجبار دون الاختيار. قالُوا أي الكفار بعد ما خرجوا من القبور: يا وَيْلَنا أي يا هلاكنا، احضر فهذا أوانك مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا.
وقرئ «من أهبنا»، وقرأ ابن عباس والضحاك وغيرهما من بعثنا على أنها جار ومجرور متعلق ب «ويل». وقرئ «من هبنا» ب «من» الجارة والمصدر هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ أي هذا البعث ما وعدنا به الرحمن، وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢) أي صدقونا فيه.
وقيل: الوقف على هذا بجعله بدلا من مرقدنا، وجعل ما وعد الرحمن خبر المبتدأ محذوف أي هو ما وعدنا الرحمن به في الدنيا من البعث، وعلى ذلك التفسير فهذا إلخ من كلام الكافرين حيث يتذكرون ما سمعوه من الرسل عليهم السلام فيجيبون به أنفسهم، أو يجيب بعضهم بعضا وقيل: قالت لهم الحفظة تذكيرا لكفرهم: هذا ما وعد الرحمن على ألسنة الرسل في الدنيا وصدق المرسلون فيما أخبروكم به البعث بعد الموت، إِنْ كانَتْ أي ما كانت نفخة البعث إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً حصلت من نفخ إسرافيل في الصور، فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا أي مجموع عندنا مُحْضَرُونَ (٥٣) للحساب، فَالْيَوْمَ وهو يوم القيامة لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً أي لا ينقص من حسنات أحد ولا يزاد على سيئات أحد، وَلا تُجْزَوْنَ في الآخرة إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤) أي إلّا بسبب ما كنتم تعملونه في الدنيا، إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أي أهل الجنة الْيَوْمَ وهو يوم القيامة، فِي شُغُلٍ أي شأن يشغلهم عما سواه، فاكِهُونَ (٥٥) أي متلذذون في النعمة، كالتزاور وضيافة الله وافتضاض الأبكار، وضرب الأوتار وسماعه هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ يجدون فيها برد الأكباد وغاية المراد عَلَى الْأَرائِكِ أي السر والمزينة بالثياب والستور التي هي داخل الحجال، مُتَّكِؤُنَ (٥٦) أي جالسون مع التمكن، أو الميل على شق وفي هذا إشارة إلى الفراغ لَهُمْ فِيها أي الجنة فاكِهَةٌ كثيرة من كل نوع من أنواع الفواكه، وَلَهُمْ فيها ما يَدَّعُونَ (٥٧) أي يشتهون.
وقال الزجاج: أي ما يدعو به أهل الجنة يأتيهم. وعلى هذا فيكون الافتعال بمعنى الفعل، ويعضده القراءة بسكون الدال سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨) أي سلام عليهم أخص قولا من رب رحيم، وعلى هذا فيكون حكاية لما سيقال لهم من جهته تعالى يومئذ كما في قوله تعالى:
وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ فيكون الله تعالى أحسن من عباده المؤمنين كما أحسن إلى عباده المرسلين
عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم

جاء في الخيل والمسابقة بينها، والنفقة في الغزو، وأحمد في (م ٣/ ص ١٠٢).


الصفحة التالية
Icon