الحقيقة في وقت. أما إذا دعا في وقت لا يبقى في القلب التفات إلى غير الله، فإنه تحصل الاستجابة وانقطاع القلب بالكلية، عما سوى الله لا يحصل إلا عند القرب من الموت، فإن الإنسان قاطع في ذلك الوقت بأنه لا ينفعه شيء سوى فضل الله تعالى.
وقرأ ابن كثير وشعبة «سيدخلون» على صيغة المبني للمفعول.
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ باردا مظلما لِتَسْكُنُوا فِيهِ أي لتستريحوا فيه بالنوم وبالعبادة وَالنَّهارَ مُبْصِراً أي مضيئا. وهذا إعلام بوجود الإله القادر، فإن الاشتغال بالدعاء لا بدّ وأن يكون مسبوقا بحصول المعرفة، وبأن من أنعم قبل السؤال بهذه النعم العالية فكيف لا ينعم بالأشياء القليلة بعد السؤال؟! إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ كافة باختلاف الليل والنهار، وما يحتويان عليه من المنافع وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٦١). إما لكونه حريصا على الدنيا محبا للمال والجاه، فإذا فاته وقع في كفران هذه النعم العظيمة، أو لأنها لما دامت واستمرت نسيها الإنسان، أو لاعتقاده أن هذه النعم ليست من الله تعالى، بأن يعتقد أن هذه الأفلاك واجبة الدوران لذواتها.
ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ، أي ذلكم المعلوم المميز بالأفعال الخاصة التي لا يشاركه فيها أحد هو الله ربكم، خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ. وهذه أخبار أربعة عن اسم الإشارة.
صَوَّرَكُمْ
أي أحدث صورتكم على غير نظام واحد، فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ولم يخلق الله تعالى حيوانا أحسن صورة من الإنسان، وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أي اللذائذ لا كرزق الدواب، ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ أي ذلكم الذي نعت بالنعوت الجليلة هو الله المحسن إليكم، فَتَبارَكَ اللَّهُ أي ثبت الله مع كثرة الخيرات رَبُّ الْعالَمِينَ (٦٤) أي مالكهم هُوَ الْحَيُّ، أي المنفرد بالحياة الذاتية لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فلا موجود يدانيه في ذاته وصفاته وأفعاله، فَادْعُوهُ أي اعبدوه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أي الطاعة من الشرك الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٥).
قال الفراء: هو خبره وفيه إضمار الأمر أي فادعوه واحمدوه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما من قال: لا إله إلا الله فليقل بعدها الحمد لله رب العالمين، أي ولما كان تعالى موصوفا بصفات الجلال والعزة استحق لذاته أن يقال له: الحمد لله رب العالمين. قُلْ لأهل مكة يا أكرم الرسل- حين قالوا لك: ارجع إلى دين آبائك-: إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ


الصفحة التالية
Icon