نشاء لجعلنا من رجالكم ملائكة مستقرين في الأرض بطريق التوليد من غير واسطة نساء يخلفونكم كما تخلفكم أولادكم كما ولدنا عيسى من أنثى بلا فحل، فهذا أمر سهل علينا مع أنه أعجب من حال عيسى الذي تستغربونه، فإنه بواسطة أمّ، وشأن الأم الولادة،
وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ أي وأن عيسى لشرط من أشراط الساعة، والمعنى: وأن نزول عيسى من السماء علامة على قرب الساعة.
وقرأ ابن عباس «لعلم» بفتح العين واللام أي علامة، وقرئ «للعلم»، وقرأ أبي «لذكر» وفي الحديث: أن عيسى ينزل على ثنية في الأرض المقدسة يقال لها أفيق، وبيده حربة وبها يقتل الدجال، فيأتى بيت المقدس والناس صلاة الصبح، فيتأخر الإمام، فيقدمه عيسى عليه السلام ويصلّي خلفه على شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم، ثم يقتل الخنازير، ويكسر الصليب، ويخرب البيع، والكنائس، ويقتل النصارى إلا من آمن به فَلا تَمْتَرُنَّ بِها أي فلا تشكن في وقوع الساعة وَاتَّبِعُونِ أي واتبعوا هداي أو رسولي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) أي الّذي أدعوكم إليه صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) أي موصل إلى الحق وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ عن اتباعي إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٢) أي أنه قد بانت عداوته لكم لأجل أنه هو الّذي أخرج أباكم من الجنة، ونزع عنه لباس النور، وَلَمَّا جاءَ عِيسى إلى بني إسرائيل بِالْبَيِّناتِ أي بالمعجزات وبالشرائع الواضحات قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ أي بأصول الدين لأعلمكم إياها وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ، وهي فرع الدين، فإن قوم موسى قد اختلفوا في أشياء من أحكام التكليف، واتفقوا على أشياء، فجاء عيسى ليبين لهم الحق في المسائل الخلافية. أما اختلافهم في الأشياء التي لا حاجة بهم إلى معرفتها فلا يجب على الرسول بيانها فَاتَّقُوا اللَّهَ في الإعراض عن دينه وَأَطِيعُونِ (٦٣) فيما أبلغه إليكم من التكاليف. إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ بالشرائع واعتقدوا وحدانيته تعالى أي التوحيد والتعبد بالشرائع هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦٤) لا يضل سالكه، فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ أي فاختلف الطوائف في عيسى بعد رفعه إلى السماء اختلافا ناشئا منهم، فقال اليعقوبية:
هو الله. وقال النسطورية: هو ابن الله. وقال الملكانية: هو شريك الله. وقال المرقوسية: هو ثالث ثلاثة. وقال اليهود: هو ابن زنا. فَوَيْلٌ أي شدة عذاب لِلَّذِينَ ظَلَمُوا من هؤلاء المختلفين الذين وضعوا القول في غير موضعه مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٦٥) هو يوم القيامة هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٦٦) ف «إن تأتيهم» بدل من الساعة أي ما ينتظر الناس إلا إتيان الساعة فجأة غافلين عنها مشتغلين بأمور الدنيا. الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (٦٧) أي المتحابون في الدنيا بعضهم عدو لبعض يوم إذ تأتيهم الساعة إلّا الموحّدين الذين يتحاب بعضهم بعضا على التقوى فإن مودتهم لا تصير عداوة، فإن الذين حصلت بينهم محبة في الدنيا إن كانت تلك المحبة لأجل طلب الدنيا ولذاتها فهذه المطالب لا


الصفحة التالية
Icon