روي أن النضر بن الحرث ونفرا معه قالوا: إن كان ما يقول محمد حقا فنحن نعبد الملائكة، فهم أحق بالشفاعة من محمد، فأنزل الله هذه الآية، ويقال: إن كل معبود من دون الله لا يملكون الشفاعة إلّا من شهد أنه لا إله إلّا الله وهم الملائكة وعيسى وعزيرا فإن لهم شفاعة عند الله، وهم يعلمون أن الله خلقهم وأنهم عباده، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ أي الكفار الذين ادعوا الشريك لله مَنْ خَلَقَهُمْ أي العابدين والمعبودين معا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) أي فكيف يصرفون عن عبادته تعالى إلى عبادة غيره مع اعترافهم بكون الكل مخلوقا له تعالى، ولم يكذبون على الله؟
حيث قالوا: إن الله أمرنا بعبادة الأصنام وَقِيلِهِ قرأ الأكثرون بالنصب على المصدر أي قال النبي قوله، أو عطف على «سرهم»، أو على محل الساعة، وقرأ عاصم، وحمزة بالجر عطف على «الساعة» أو أن الواو للقسم، وقرأ الأعرج، وأبو قلابة، ومجاهد، والحسن بالرفع عطف على «علم الساعة»، أو مبتدأ وخبره ما بعده يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (٨٨) بك وبرسولك قال تعالى: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ أي فأعرض عنهم بغير التبليغ، وبالدعاء عليهم بالعذاب، وَقُلْ سَلامٌ أي شأني الآن متاركة بسلامتكم مني، وسلامتي منكم، فهذا تباعد منهم، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٨٩) ما يفعل بهم.
وقرأ نافع، وابن عامر بتاء الخطاب على الالتفات لزيادة التهديد، والتقريع، والباقون بالياء كناية عن قوم لا يؤمنون. وهذه الآية غير منسوخة لأن الأمر لا يفيد الفعل إلا مرة واحدة، فإذا أتي به مرة واحدة فقد سقطت دلالة اللفظ فأي حاجة فيه إلى التزام النسخ.