يوعدون به عارِضاً أي سحابا يعرض في أفق السماء، وهو بدل من الضمير العائد على ما في «بما تعدنا». مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ أي سائر إلى أوديتهم استبشروا وقالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا أي هذا المرئي سحاب يأتينا بالمطر. قال هود: ليس الأمر كذلك، بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ من العذاب رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها أي تهلك كل شيء من الناس، والحيوان، والنبات بقدرة الله تعالى لأجل تعذيبكم.
وروي أن هودا لما أحس بالريح خط على نفسه وعلى المؤمنين خطا إلى جنب عين تنبع فكانت الريح التي تصيبهم ريحا لينة هادئة طيبة، والريح التي تصيب قوم عاد
ترفعهم من الأرض وتطير بهم إلى السماء وتضربهم على الأرض، وروي أنهم رأوا ما كان في الصحراء من رحالهم ومواشيهم يطير به الريح بين السماء والأرض، فدخلوا بيوتهم، وغلقوا أبوابهم، فقلعت الريح الأبواب وصرعتهم، وأحال الله عليهم الرمال، فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام لهم أنين، ثم كشفتها الريح عنهم فاحتملتهم فطرحتهم في البحر، فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ أي فصاروا بعد الهلاك لا ترى إلّا آثار مساكنهم، وقرأ حمزة، وعاصم يرى بضم الياء التحتية ورفع «مساكنهم»، والباقون «لا ترى» بفتح تاء الخطاب، ونصب «مساكنهم» أي لا ترى أنت أيها المخاطب، وقرأ الجحدري، والأعمش، وابن أبي اسحق، والسلمي، وأبو رجاء بضم التاء الفوقية ورفع «مساكنهم». كَذلِكَ أي مثل ذلك الجزاء الهائل نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (٢٥) وهذا تخويف لكفار مكة، وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ أي ولقد قررنا عادا في أمر عظيم لم نقرركم يا أهل مكة فيه من قوة الأبدان، وطول الأعمار، وكثرة الأموال، ومع ذلك ما نجوا من عقاب الله فكيف يكون حالكم وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ أي وأعطيناهم سمعا فما استعملوه في سماع الدلائل، وأبصارا فما استعملوها في تأمل العبر وأفئدة فما استعملوها في طلب معرفة الله تعالى، بل صرفوا كل هذه القوى إلى طلب الدنيا ولذاتها فما دفع عنهم هذه القوى شيئا من عذاب الله تعالى إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ أي لأجل أنهم كانوا ينكرون دلائل الله تعالى، وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٢٦) أي ونزل بهم العذاب الذي كانوا يطلبونه بطريق الاستهزاء، وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ يا أهل مكة مِنَ الْقُرى كحجر ثمود، وعاد أرض سذوم، وسبأ، ومدين، والأيكة، وقوم لوط، وفرعون، وأصحاب الرس وَصَرَّفْنَا الْآياتِ أي كررناها لهم لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٧) أي لكي يرجعوا عن الكفر والمعاصي فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً أي فهلا خلصهم من العذاب الأصنام التي اتخذوها آلهة حال كونها متقربا بها إلى الله تعالى، بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ أي بل غابوا عنهم فنصرة آلهتهم لهم أمر ممتنع، وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨) وذلك أي امتناع نصرهم أثر كذبهم الذي هو اتخاذهم الأصنام آلهة وأثر افترائهم الكذب على الله تعالى إثبات