سورة الأنبياء
مكية، مائة واثنتان وعشرة آية، ألف ومائة وثلاثون كلمة، أربعة آلاف وثمانمائة وستون حرفا
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ، أي قرب من كفار قريش وقت حساب أعمالهم الموجبة للعقاب، فإن كل آت قريب، وإن طالت أوقات ترقّبه، وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ، أي والحال أنهم منكرون للحساب، لا يتفكرون في عاقبتهم، مع اقتضاء عقولهم أنه لا بدّ من جزاء المحسن والمسيء، مُعْرِضُونَ (١). عن الآيات المنبّهة لهم عن سنة الغفلة. ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ، أي من جزء نازل من القرآن ينبههم عن الغفلة أتمّ تنبيه، مِنْ رَبِّهِمْ، متعلق ب «يأتيهم»، مُحْدَثٍ أي متجدد ننزله آية بعد آية، وسورة بعد سورة، بحسب اقتضاء الحكمة.
قرأ ابن أبي عبلة «محدث» بالرفع صفة ل «محل» ذكر، إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٢). أي والحال أنهم يهزئون. لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ، حال من واو «يلعبون». والمعنى: ما يأتيهم ذكر من ربهم محدث في حال من الأحوال، إلا حال استماعهم إياه مستهزئين به حال كون قلوبهم غافلة عن معناه، لفرط إعراضهم عن النظر في الأمور وعن التفكّر في العواقب.
وقرأ ابن أبي عبلة «لاهية» بالرفع خبر ثان، أو خبر مقدّم وَأَسَرُّوا النَّجْوَى، أي بالغوا في إخفاء التناجي، وجعلوه بحيث لا يفطن أحد لتناجيهم، الَّذِينَ ظَلَمُوا بدل من واو «أسرّوا»، أو مبتدأ وخبره «أسرّوا النجوى». والمعنى: وهم أسرّوا النجوى، فوضع المظهر موضع المضمر تسجيلا على فعلهم بأنه ظلم، هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٣) ف «هل» بمعنى النفي، والهمزة للإنكار، والفاء للعطف على مقدّر يقتضيه المقام، و «أنتم» حال من فاعل «تأتون» مؤكدة للاستبعاد، فالجملتان الاستفهاميتان في محل نصب، على أنهما محكيتان للنجوى، لأنها في معنى القول. والمعنى: ما محمد إلّا بشر من جنسكم، فكيف يختص عنكم بالرسالة؟ وما أتى به سحر، أتعلمون ذلك فتحضرونه على وجه القبول والحال أنكم تبصرون بأعينكم أنه آدمي مثلكم، وأن ما ظهر منه من نوع السحر. قالَ أي محمد وهو حكاية من الله لقول رسوله، وهذا قراءة حمزة والكسائي وحفص، عن عاصم.