سورة الذاريات
مكية، ستون آية وثلاثمائة وستون كلمة، ألف ومائتان وتسعة وثمانون حرفا
وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) أي والرياح التي تذر، والتراب وغيره، وتهب في منازل القوم.
فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) أي فالسحب الحاملة للمطر. فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣)، أي فالسفن الجارية في البحر جريا ذا يسر. فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤) أي فالملائكة التي تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها. وهذا التفسير هو ما روي عن علي رضي الله عنه.
وقال الرازي: والأقرب أن هذه الأمور الأربعة صفات أربع للرياح.
فالذاريات: هي الرياح التي تنشئ السحاب أولا.
والحاملات: هي الرياح التي تحمل السحب التي هي بخار المياه، التي إذا سحت جرت السيول العظيمة، وهي أوقار أثقل من جبال.
والجاريات: هي الرياح التي تجري بالسحب بعد حملها الماء.
والمقسمات: هي الرياح التي تفرق الأمطار على الأقطار. إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) أي إن وعدكم بالبعث والحساب لوعد صادق، وَإِنَّ الدِّينَ أي الحساب والجزاء لَواقِعٌ (٦)، أي لحاصل، فالحساب يستوفى والعقاب يوفى، وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (٧) أي ذات الحسن أو ذات الزينة، أو ذات الطرائق، وهي مسير الكواكب ومسلك النظار. إِنَّكُمْ يا معشر قريش لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨)، أي منعكس وظنكم غير مجازين في اعتقادكم، فإنهم قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم: إنك تعلم أنك غير صادق في قولك وإنما تجادل ونحن نعجز عن الجدل، فكأنه تعالى قال لنبيه: إنك صادق ولست معاندا بل هم جازمون بأنك صادق، وإنما يظهرون الجزم بأمر لشدة عنادهم، فانعكس الأمر عليهم يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩) قيل: هذا مدح للمؤمنين أي يصرف عن القول، المختلف من صرف عن ذلك القول ورشد إلى القول المستوي.
وقيل إن هذا ذم، أي يصرف عن الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن والحشر من قد صرف عن الهدى، وهو الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، وأبي بن خلف، وأمية بن خلف ومنبه