ابن كثير «نكر» بسكون الكاف. والباقون بالضم. وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي «خاشعا» بفتح الخاء، وبألف بعدها والباقون بضم الخاء وفتح الشين مشددة. وقرئ «خاشعة» بالتأنيث على الأصل وقرئ «خشع أبصارهم» على الابتداء، والخبر والجملة حال، والمعنى: يخرج الناس من القبور حال كونهم مثل جراد منتشر في كثرتهم واجتماع بعضهم على بعض يوم يدعو إسرافيل أو جبريل إلى شيء فظيع تنكره النفوس، وهو هول القيامة أذلة أبصارهم من شدة الهول، مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ أي مسرعين إليه مادي أعناقهم إليه يَقُولُ الْكافِرُونَ في ذلك اليوم: هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨) أي صعب شديد، ثم شرع في ذكر بعض الأنباء الموجبة للازدجار فقال: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ أي قبل أهل مكة، قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا نوحا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) عطف على «قالوا»، أي قالوا لنوح: هو مجنون وزجروه عن مقالته بأنواع الأذية، فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) أي بأني غلبني قومي بالقوة فانتقم لي منهم، والعامة على فتح همزة «أني». وقرأ الأعمش وابن أبي إسحاق بالكسر، أي فقال نوح: يا إلهي إن نفسي غلبتني بحكم البشرية، وقد أمرتني بالدعاء عليهم، فأهلكهم
فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١)، أي بمطر منصب من السماء على الأرض أربعين يوما. وقرأ ابن عامر بتشديد التاء لكثرة الأبواب، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً أي جعلنا الأرض كلها، كأنها عيون منفجرة، فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) أي فارماء الأرض بقوة حتى ارتفع والتقى بماء السماء على حال قد قدّرها الله تعالى كما شاء. وقرئ «الماءان» بالتثنية وتحقيق الهمزة «والماوان» بقلب الهمزة واوا، أي ماء السماء وماء الأرض. وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣) أي وحملنا نوحا على سفينة ذات أخشاب عريضة ومسامير، تَجْرِي بِأَعْيُنِنا أي تسير السفينة محفوظة بحفظنا، جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤) أي حملناه جزاء لنوح على صبره على كفرانهم، لأنه كان نعمة كفروها فإن كل نبي نعمة على أمته. وقرئ «جزاء» بكسر الجيم، أي مجازاة، وقرئ «كفر» بالبناء على الفاعل، أي أغرقنا الكفار جزاء لهم، وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً أي ولقد جعلنا السفينة آية يعتبر بها من يقف على خبرها، فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) أي فهل من معتبر يعتبر بما صنع الله بقوم نوح موجود فيترك المعصية ويختار الطاعة، فَكَيْفَ كانَ عَذابِي الذي عذبتهم به، وَنُذُرِ (١٦) أي وكيف كان عاقبة إنذاري؟ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ أي وبالله لقد سهلنا القرآن لقومك، بأن نزلناه على لغتهم للاتعاظ، فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧) أي فهل من طالب علم فيعان عليه؟ كَذَّبَتْ عادٌ هودا فاسمعوا، فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨) أي إنذاراتي لهم، إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً أي باردة وهو ريح الدبور فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩)، أي إلى نفاذ المراد، وهو من يوم الأربعاء لثمان بقين من شوال إلى غروب شمس الأربعاء آخره، ومستمر، وصف ليوم مضاف إلى «نحس» بسكون الحاء. وقرئ بتنوين «يوم» وكسر حاء «نحس»، ومن جعل نحسا اسم معنى أو مصدرا كان مستمر وصفا لنحس أي مستمر النحوسة. تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ


الصفحة التالية
Icon