وخلق الريحان المعروف الذي بزره ينفع في الأدوية، أو المشمومات. وقرأ حمزة والكسائي برفع «الحب» و «ذو» عطفا على فاكهة وجر «الريحان» عطفا على العصف، أي وفيها الحب ذو الساق وذو الأوراق. وقرأ الباقون برفع الثلاثة عطفا على فاكهة، أي وفيها الحب ذو الأوراق الخارجة من جوانب الساق، كأوراق السنبلة من أعلاها إلى أسفلها وفيها مشمومات، أو ريحان معروف، ويجوز أن يراد عند رفع الريحان، ونصبه حذف المضاف وإقامة المضاف، إليه مقامه، والمعنى: وذو السنبلة والثمر أو وخلق ذا الرزق وهو الثمر. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٣) أي فبأي فرد من أفراد نعم ربكما أيها الجن والإنس تنكران أنها ليست من الله أبتلك النعم المذكورة هنا أم بغيرها، ويسن لسامع القارئ لهذه السورة أن يجيبه كلما قرأ هذه الآية وهي مكررة في أحد وثلاثين موضعا بأن يقول، ولا بشيء من نعمك، ربنا نكذب فلك الحمد، لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أقر الجن على ذلك الجواب. خَلَقَ الْإِنْسانَ أي آدم مِنْ صَلْصالٍ أي من طين منتن يابس له صوت، كَالْفَخَّارِ (١٤) أي كالخزف المشوي بالنار المجوف كالإناء في أن كل منهما يسمع له صوت إذا نقر ليعلم هل فيه عيب أو لا؟ وَخَلَقَ الْجَانَّ أي الجن نفسه مِنْ مارِجٍ أي من لهب صاف مِنْ نارٍ (١٥) لا دخان لها وهو بيان ل «مارج»، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٦) أيها الجن والإنس أبما أفاض عليكما في حالات شتى لخلقتكما حتى صيّركما خلاصة الكائنات أم بغيره؟ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧) أي الذي فعل ما ذكر رب مشرقي الصيف والشتاء ومغربيهما. وقرأ ابن أبي عبلة «رب» بالجر بدلا، أو بيانا ل «ربكما». فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٨) أي أبما في ذلك من الفوائد العظيمة التي لا تحصى، كاعتدال الهواء، واختلاف الفصول، وحدوث ما يناسب كل فصل فيه أم بغير ذلك، مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ أي أرسل الرحمن البحر الملح والبحر العذب، يَلْتَقِيانِ (١٩) أي يتماسان ولا يمتزجان، بَيْنَهُما بَرْزَخٌ أي حاجز من قدرة الله تعالى، لا يَبْغِيانِ (٢٠) أي لا يتجاوز كل واحد منهما ما حده الله تعالى ولا يغير واحد منهما طعم صاحبه.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢١) فهلا اعتبرتم بأنواع الموجودات يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢)، فاللؤلؤ الدر، والمرجان الخرز الأحمر.
وقيل: اللؤلؤ كبار الدر، والمرجان شغاره. قيل: إن اللؤلؤ يتولد في ملتقى الملح والعذب، ثم يدخل الصدف في المالح عند انعقاد الدر فيه فيثقل هناك فلا يمكنه الدخول في العذب. وقيل: هما يخرجان من الملح في الموضع الذي يقع فيه العذب: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٣) أبكثرة النعم من خلق المنافع في البحر، وإخراج الحلي العجيبة أم بغيرها، وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٢٤). وقرأ حمزة وأبو بكر بكسر الشين، أي وله تعالى السفن الرافعات الشراع في البحر كالجبال. والباقون بالفتح أي المرفوعات القلع. وقرأ ابن أبي عبلة بتشديد الشين. وقرأ يعقوب «الجواري» بإثبات الياء في الوقف. وقرأ عبد الله والحسن «الجوار»