قرأ ابن كثير بكسر شين «شواظ». وقرأ ابن كثير وابن محيصن ومجاهد، وأبو عمرو بجر «نحاس» عطفا على «نار»، ولا بد في هذه القراءة من كسر الشين أو إمالة «نار»، وعلى هذا فالشواظ مركب من نار ومن دخان.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم: إذا خرجوا من قبورهم ساقهم شواظ إلى المحشر.
وقرئ «نحاس» بكسر النون. وقرئ «نرسل» بنون العظمة، ونصب «شواظا» و «نحاسا». وقرئ نحس بضمتين جمع نحاس فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥) أي فلا ينتصر أحدكما بالآخر ولا أنتما بغيركما فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٦) أبتلك النعم من بيان عاقبة الكفر والمعاصي أم بغيرها، فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧)، أي فإذا انصدعت السماء وخربت يوم القيامة فصارت حمراء كالأديم المغربي، وهو ما فيه حمرة مع السواد يكون الأمر عسيرا في غاية العسر، أو يلقى المرء فعله ويحاسب حسابه، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨) مع عظم شأنها، فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩) أي فالمذنب يوم إذ تنشق السماء وذلك أول ما يخرجون من القبور، ويحشرون إلى الموقف ذودا ذودا على اختلاف مراتبهم لا يسأل عن ذنبه إنسي ولا جني، لأنهم يعرفون بسيماهم فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٠) أبتلك النعم من الأخبار بما يزجر عن الشر أم بغيرها
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ أي بسواد وجوههم وزرقة أعينهم، فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١) أي يجمع نواصيهم وأقدامهم في سلسلة من وراء ظهورهم فيطرحون في النار، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٢) أي تجحدون والوقف هنا تام، هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣). وهذه إشارة إلى قربها أي جهنم التي يكذب بها المشركون هذه قريبة غير بعيدة عنهم، يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) أي يترددون بين النار وماء حار قد انتهى حره، فيحرقون بها، فيستغيثون منها، فيسعى بهم إلى الحميم، ويظهر لهم شيء مانع هو صديدهم المغلي، فيظنونه ماء، فيسقون منه ويصب فوق رؤوسهم، فإذا استغاثوا منه يسعى بهم إلى النار وهكذا، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٥) مما أشرنا إليه من أول السورة، فتستحقان العذاب وتحرمان الثواب.
وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) أي ولمن خاف المقام الذي يقوم هو فيه بين يدي ربه، وهو مقام عبادته، والمقام الذي اطلع الله على عباده، فانتهى عن المعصية جنتان، جنة لفعل الطاعات، وجنة لترك المعاصي، لأن التكليف لهذين النوعين. وقيل: هي جنة جزاء وجنة أخرى زيادة على الجزاء فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧) أبتلك النعم أم بغيرها ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) أي صاحبتا أغصان، فإن الجنات ذوات أشجار، والأشجار ذوات أغصان، والأغصان ذوات أزهار، وأثمار وهي لتنزه الناظر وتنكير أفنان للتعجب، أي على الأفنان أوراق عجيبة، وثمار طيبة من غير سوق غلاظ، فالجنة ذات فنن غير كائن على أصل وعرق بل هي واقفة في الجو وأهلها تحتها، فَبِأَيِّ