وجدوهن أبكارا». فلما سمعت عائشة رضي الله عنها ذلك قالت: وا وجعاه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«ليس هناك وجع»
. عُرُباً أي حسناء محسنة لكلامها متحببات إلى أزواجهن أَتْراباً (٣٧) أي مستويات في السن على مقدار ثلاث وثلاثين سنة لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨) أي على سنهم. وفي هذا الإشارة إلى الاتفاق، لأن أحد الزوجين إذا كان أكبر من الآخر فالشباب يعيره، والجار والمجرور متعلق ب «أترابا» كقولك: هذا ترب لهذا أي مساو له في السن ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠) أي هم أي أصحاب اليمين كثيرون من أوائل الأمم قبل أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم ومن أواخر الأمم، وهي أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم
وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ، أي في ريح متعفن يتحرك من جانب إلى جانب، فإذا شم الإنسان منه يفسد قلبه العفوية ويقتل الإنسان وَحَمِيمٍ (٤٢) أي ماء حار إشارة بالأدنى إلى الأعلى، فالهواء والماء أنفع الأشياء في الدنيا، فهواؤهم الذي يهب عليهم سموم وماؤهم الذي يستغيثون به حميم فما ظنك بنارهم التي هي عندنا أحر، وكيف حالهم مع أحر الأشياء؟ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) أي من دخان جهنم أسود، لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) أي لا بارد يطلب الظل لبرده، ولا ذي كرامة قد أعد للجلوس فيه وحفظ عن القاذورات، إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ أي قبل سوء العذاب في الدنيا مُتْرَفِينَ (٤٥)، أي منعمين بأنواع النعم ولم يشكروها وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) أي كانوا في الدنيا يديمون على الذنب العظيم الذي هو الشرك، وَكانُوا يَقُولُونَ إذا كانوا في الدنيا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا أي صرنا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨). وهذه الآيات الثلاثة إشارة إلى الأصول الثلاثة فقوله تعالى: إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ يدل على ذمهم بإنكار الرسل وعلى تكبرهم بغناهم، وهم كانوا يقولون: أبشرا منا واحدا نتبعه. وقوله تعالى: يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ إشارة إلى الشرك ومخالفة التوحيد. وقوله تعالى: وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً إلخ إشارة إلى إنكار الحشر.
وقرأ قالون وابن عامر بسكون الواو. والباقون بفتحها أي أإنا أو آباؤنا مبعثون أي أتبعث آباؤنا الأولون الذي قد فنيت عظامهم. قُلْ يا أشرف الخلق لمنكري البعث: إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) أي إنهم يساقون بعد البعث إلى عرصة الحساب، ويجمعون في وقت يوم معين عند الله تعالى وهو يوم القيامة،
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ عن سبيل الله وهو التوحيد، الْمُكَذِّبُونَ (٥١) أي المنكرون الحشر لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) أي لآكلون شجرا هو الزقوم، فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) أي كل واحد منكم يملأ بطنه من تلك الشجر، فَشارِبُونَ عَلَيْهِ أي عقب ذلك الأكل بلا ريث مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) أي الماء الحار، فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) أي لا يكون شربكم منه شربا معتادا بل يكون مثل شرب الإبل العطاش. هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦) أي ليس المذكور كل العذاب، بل هذا أول ما يلقونه من العذاب وهو جزء منه، وإذا كان هذا ما يعدّ لهم


الصفحة التالية
Icon