سهل بن شعيب وأبو حيوة وبأيمانهم بكسر الهمزة أي وبسبب أيمانهم حصل سعي ذلك النور، بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ أي تقول لهم الملائكة على الصراط: بشارتكم العظيمة في هذا الوقت دخولكم جنات، تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وهو حال من ضمير المخاطب المقدر، ذلِكَ أي ما تقدّم من النور والبشرى بالجنات المخلّدة هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) الذي لا غاية وراءه. وقرئ «ذلك الفوز العظيم» بإسقاط كلمة هو. يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا لما رأوهم يسرع بهم إلى الجنة و «يوم» بدل من «يوم ترى»، أو أن العامل فيه «ذلك هو الفوز العظيم». انْظُرُونا أي انظروا إلينا أي، لأنهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم، والنور أمامهم فيستضيئون. به وقرأ حمزة «أنظرونا» بقطع الهمزة وكسر الظاء أي انتظرونا لنلحق بكم، نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ أي نستضيء بنوركم. قِيلَ أي قال لهم المؤمنون قول تنديم وتوبيخ:
ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً أي ارجعوا إلى الموقف حيث أعطينا النور فاطلبوا نورا هناك. وقيل:
ارجعوا إلى دار الدنيا، فالتمسوا هذه الأنوار هنالك. وقال أبو مسلم: المراد من قول المؤمنين ارْجِعُوا إلخ منع المنافقين عن الاستضاءة لا أمر لهم بالرجوع أي تنحّوا عنا، فلا سبيل لكم إلى وجدان هذا المطلوب ألبتة، فيرجعون في طلب النور فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ أي بني بين الفريقين بِسُورٍ الباء زائدة، أي حائط بين الجنة والنار كما قاله قتادة أو حجاب، كما في سورة الأعراف، كما قاله مجاهد. وقال: من قال: ارجعوا إلى دار الدنيا. والمراد من ضرب السور هو امتناع العود إلى الدنيا، لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ أي لذلك السور باب في باطن ذلك السور الجنة التي فيها المؤمنون، وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (١٣) أي وخارج السور من جهته النار، فالمؤمنون يدخلون الجنة من باب ذلك السور، والكافرون يبقون في العذاب، يُنادُونَهُمْ أي ينادي المنافقون المؤمنين من وراء السور أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ في الدنيا على الغزوات والعبادات؟ قالُوا بَلى، أي يقول المؤمنون: بلى، قد كنتم معنا في الظاهر، وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ أي أهلكتموها بكفر السر، واستعملتموها في المعاصي والشهوات، وَتَرَبَّصْتُمْ أي أخرتم أنفسكم عن التوبة من النفاق، وانتظرتم موت رسول الله وحوادث السوء على المؤمنين، وَارْتَبْتُمْ أي شككتم في نبوة محمد، وفي البعث، وفي وعيد الله، وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ أي الأباطيل وهي ما كانوا يتمنون من نزول الحوادث بالمؤمنين، ومن انتكاس أمر الإسلام حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ أي حتى جاءكم وعد الله بالموت على غير التوبة من النفاق، أي حتى أماتكم الله وألقاكم في النار وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (١٤)، بفتح الغين، أي الشيطان لإلقائه إليكم أن لا خوف عليكم من محاسبة ومجازاة. وقرأ سماك بن حرب بضم الغين، والمعنى: وغركم عن طاعة الله سلامتكم من أباطيل الدنيا مع الاغترار بأمتعة الدنيا فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أي فاليوم لا يقبل منكم يا معشر المنافقين فداء ولا من الذين أظهروا الكفر. وقرأ ابن عامر «تؤخذ» بالتأنيث.