بنت جرول- وهما تحت عمر بن الخطاب- وأم الحكم بنت أبي سفيان، كانت تحت عباد بن شداد العمري، وبروع بنت عقبة، كانت تحت شماس بن عثمان من بني مخزوم، وعبدة بنت عبد العزى، كانت تحت عمرو بن عبد ود، وهند بنت أبي جهل كانت تحت هاشم بن العاص، فأعطاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مهر نسائهم من الغنيمة. يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ أي نساء أهل مكة بعد فتح مكة يُبايِعْنَكَ أي قاصدات المشارطة عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً من الإشراك، وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ.
وقرئ «ولا يقتلن» بتشديد التاء، وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ، كانت المرأة تلتقط المولود من الزنا فتقول لزوجها: هو ولدي منك كني عن هذا بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها، لأن بطنها الذي تحمله فيه بين يديها، ومخرجه بين رجليها، وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ أي فيما تأمرهن به من معروف، وهو ما عرف حسنه من جهة الشرع. وهذا تنبيه على نفي جواز طاعة مخلوق في معصية الخالق، وذلك كترك النوح وجز الشعر، ونتفه، وحلق الرأس، وخمش الوجه، وشق الجيوب، وتمزيق الثياب، وأن لا يخلون مع رجل غير محرم وأن لا يسافرن مع غير ذي محرم، فَبايِعْهُنَّ أي فشارطهن على ذلك، وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ فيما سلف منهن في الجاهلية إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)، أي مبالغ في المغفرة والرحمة.
روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما فرغ من بيعة الرجال يوم فتح مكة جلس على الصفا، ومعه عمر أسفل منه، فجعل يبايع النساء، وكانت جملتهن إذ ذاك أربعمائة وسبعا وخمسين امرأة، ولم يصافح في البيعة امرأة، وإنما بايعهن وقيل: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا بايع النساء دعا بقدح من ماء، فغمسن يده فيه فغمس أيديهن فيه وكانت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان متنقبة، متنكرة مع النساء خوفا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يعرفها لما صنعت بحمزة يوم أحد، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا» فرفعت هند رأسها وقالت: لقد عبدنا الأصنام وأنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيناك أخذته على الرجال تبايع الرجال على الإسلام والجهاد فقط، ولما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ولا تسرقن». قالت هند: إن أبا سفيان رجل شحيح وإني أصبت من ماله هناة فما أدري أتحل لي أم لا؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت من شيء فيما مضى وفيما غبر، فهو لك حلال، فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعرفها فقال لها: «وإنك لهند بنت عتبة» قالت: نعم، فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك، فلما قال: «ولا تزنين»، فقالت: أو تزني الحرة؟ فلما قال: «ولا تقتلن أولادكن». قالت: ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا وكان ابنها حنظلة قتل يوم بدر، فضحك عمر حتى استلقى وتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما قال: «ولا تأتين ببهتان» «١» إلخ قالت: والله إن البهتان لقبيح وما تأمرنا إلا