الرجعة مندوب إليه في الفرقة، وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ أي أدوا الشهادة التي تحملتموها عند الحكام يا أيها الشهود لوجه الله تعالى ذلِكُمْ أي الإشهاد وإقامة الشهادة يُوعَظُ بِهِ أي يؤمر به، مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، يقال: نزلت الآيات من أول السورة إلى هاهنا في شأن النبي صلّى الله عليه وسلّم حين طلق حفصة، وفي ستة نفر من أصحابه طلقوا نساءهم غير طواهر، فنهاهم الله عن ذلك، لأنه لغير السنة، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ أي يصبر على المصيبة يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) من الشدة.
وقرأ النبي صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية
فقال: «مخرجا من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة»
. نزلت هذه الآية في عوف بن مالك الأشجعي أسر العدو ابنا له يسمى سالما، فأتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: أسر ابني وشكا إليه الفاقة فقال: «اتق الله واصبر وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله»، ففعل ذلك
، فبينما هو في بيته إذ أتاه ابنه سالم ومعه مائة من الإبل غفل عنها العدو فاستاقها فذلك قوله تعالى: وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ أي من وجه لا يخطر بباله وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ أي ومن يثق بالله فيما ناله فهو كافيه في جميع أموره، إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ.
وقرأ حفص بالإضافة أي منفذ أمره. والباقون بالتنوين ونصب أمره أي يبلغ مراده في جميع خلقه. وقرئ برفع أمره أي نافذ تدبيره. وقرأ المفضل «بالغا» أمره على أن قوله: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ خبران و «بالغا» حال من اسم الجلالة قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ من الشدة والرخاء قَدْراً (٣) أي أجلا ينتهي إليه.
وروي أن معاذ بن جبل قال: يا رسول الله قد عرفنا عدة التي تحيض فما عدة التي لم تحض فنزل وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ لكبرهم، وقد قدروه بستين سنة وبخمس وخمسين إِنِ ارْتَبْتُمْ أي إن أشكل عليكم حملهن في العدة، أو إن جهلتم بمقدار عدتهن فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ فقام رجل فقال: يا رسول الله فما عدة الصغير التي لم تحض فنزل، وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ لصغرهن هن بمنزلة الكبيرة التي قد يئست، وهذه معطوفة على «واللائي يئسن» عطف المفردات فقام رجل آخر وقال: وما عدة الحوامل يا رسول الله فنزل وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ أي والحبالى منتهى عدتهن وأجل انقطاع ما بينهن وبين الأزواج وضع الحمل سواء كن مطلقات أو متوفى عنهن أزواجهن لخبر سبيعة بنت الحرث أنها وضعت حملها بعد وفاة زوجها بخمسة عشر يوما، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تتزوج فإباحة النكاح قبل مضي أربعة أشهر وعشر دليل على أن عدة الحامل تنقضي بوضع الحمل في جميع الأحوال، والحمل اسم لجميع ما في بطنهن فلا تنقضي العدة بوضع بعض حملهن. وقرئ أحمالهن، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ في شأن أحكامه يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤) أي ييسر الله عليه في أمره ويوفقه للعمل الصالح.
وقال عطاء: يسهل الله عليه أمر الدنيا والآخرة ذلِكَ أي الذي ذكر من الأحكام أَمْرُ