الوليد بن المغيرة، وعند ابن عباس في أبي جهل، وعند مجاهد في الأسود بن عبد يغوث، وعند السدي في الأخنس بن شريق أصله من ثقيف وعداده في زهرة. أَنْ كانَ أي لأجل أن كان هذا الموصوف، ذا مالٍ وَبَنِينَ (١٤)، وهذا إما متعلق بما قبله أي لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ الآية، لكثرة ماله وأولاده أو بما دل عليه ما بعده، أي إنه كفر بآياتنا، لأن كان ذا مال وبنين وفي قراءة سبعية «أأ» بهمزتين مفتوحتين أي ألأن كان ذا مال وبنين تطيعه أو ألأن كان ذا مال وبنين يكفر ويستكبر، وكان مال الوليد بن المغيرة نحو تسعة آلاف مثقال من فضة وبنوه عشرة، إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا أي القرآن قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥)، أي هي أحاديث الأولين في كذبهم، سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦) أي سنجعل له في الآخرة علامة على أنفه، يعرف بها أهل القيامة أنه كان في عداوة الرسول وفي إنكار الدين الحق. كما قاله قتادة.
قال ابن عباس: أي سنخطمه بالسيف فنجعل ذلك علامة باقية على أنفه ما عاش. وروي أنه قاتل يوم بدر فخطم بالسيف في القتال، إِنَّا بَلَوْناهُمْ أي أهل مكة بالقحط بدعوة محمد صلّى الله عليه وسلّم عليهم بعد يوم بدر سبع سنين كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أي أهل البساتين كانت بصروان.
روي أن واحدا من ثقيف وكان مسلما كان يملك ضيعة فيها نخل وزرع بقرب صنعاء، وكان يجعل من كل ما فيها عند الحصاد نصيبا وافرا للفقراء، فلما مات ورثها منه بنوه وقالوا:
عيالنا كثير والمال قليل، ولا يمكننا أن نعطي المساكين مثل ما كان يفعل أبونا، فأحرق الله جنتهم، وكانوا بعد عيسى ابن مريم بزمن يسير، إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) أي حين حلفوا بالله ليقطعن ثمر نخليهم في وقت الصباح، وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) أي لا يقولون: إن شاء الله أو ولا يستثنون حصة المساكين كما كان يفعله أبوهم، فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩)، أي فطرقها في الليل طارق من عذاب الله.
قال الكلبي: أرسل الله عليها نارا من السماء فاحترقت وهم نائمون، فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) أي فصارت البساتين بالاحتراق شبيهة بالبستان الذي صرمت ثماره بحيث لم يبق منها شيء، أو صارت كالليل في اسودادها، أو كالنهار في ابيضاضها من فرط اليبس
فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (٢٢) أي فنادى بعضهم بعضا عند طلوع الفجر، أي اذهبوا إلى الثمار والزروع والأعناب، فاصرموها إن كنتم قاصدين للصرم ولا تخبروا المساكين، فَانْطَلَقُوا إلى البساتين وَهُمْ يَتَخافَتُونَ (٢٣)، أي والحال أنهم يتسارون فيما بينهم كلاما خفيا أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤)، و «أن» مفسرة أي لا تدخلوا مسكينا في البساتين. وقرأ ابن مسعود بطرح «أن» على إضمار القول. والمعنى: «يتخافتون» يقولون: لا تمكنوا المسكين من الدخول في البساتين حتى يدخل وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ (٢٥) أي وصاروا قاصدين إلى بساتينهم قادرين على صرامها، ومنع منفعتها على المساكين في ظنهم، أو أرادوا أن يحرموا المساكين وهم