العبد، فإذا ظهر ترادا وحكم هذه المسألة في مذهب الشافعي أن الغنم إن كانت وحدها ولو بصحراء، فأتلفت شيئا كزرع، ليلا أو نهارا ضمنه ذو يد إن فرّط في ربطها أو إرسالها كأن ربطها بطريق ولو واسعا وكأن أرسلها ولو في نهار لمرعى بوسط مزارع فأتلفتها، فإن لم يفرّط، كأن أرسلها المرعى لم تتوسطه مزارع لم يضمن. ومذهب أبي حنيفة وأصحابه، عدم الضمان بالليل والنهار، إلا أن يكون معها سائق أو قائد وَسَخَّرْنا أي ذللنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ أي ينطقن بالتسبيح، وكان داود يسبّح وحده فالله تعالى خلق فيها الكلام، كما سبّح الحصى في كف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسمع الناس ذلك. وَالطَّيْرَ أي إذا ذكر داود عليه السلام ربّه، ذكرت الجبال والطير ربّها معه، وَكُنَّا فاعِلِينَ (٧٩) أي إنا قادرون على أن نفعل هذا وإن كان عجبا عندكم، أي مستغربا في اعتقادكم. وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ أي درع، لَكُمْ أي لأجلكم يا أهل مكة، فإن الله تعالى ألان الحديد لداود، فكان يعمل منه بغير نار كأنه طين لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ أي لتحرسكم من الجرح، والسيف، والسهم، والرمح. فقرأ شعبة: بالنون، وابن عامر وحفص بالتاء، فالضمير ل «لبوس». والباقون بالياء التحتية، فالضمير ل «داود»، أو ل «لبوس»، وهذا بدل اشتمال من «لكم» مبيّن لكيفية الاختصاص والمنفعة فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (٨٠) أي اشكروا الله يأهل مكة على ما يسّر عليكم من هذه الصنعة بتصديق الرسل
وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً أي شديدة الهبوب، فإذا مرت بكرسيه عليه السلام، أبعدت به في مدة يسيرة أي جعلنا الريح طائعة لسليمان، فإن أرادها عاصفة كانت عاصفة، وإن أرادها ليّنة كانت ليّنة تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها.
قال الكلبي: كان سليمان عليه السلام وقومه، يركبون عليها من إصطخر إلى الشام، وإلى حيث شاء، ثم يعود إلى منزله. قال وهب: كان سليمان عليه الصلاة والسلام، إذا أخرج إلى مجلسه عكفت عليه الطير، وقام له الإنس والجن حين يجلس على سريره، وكان امرأ غازيا قلّما كان يقعد عن الغزو، ولا يسمع في ناحية من الأرض بملك إلا أتاه حتى يذلّه.
وروي أن سليمان سار من أرض العراق فقال بمدينة بلخ متخللا بلاد الترك، ثم جاوزهم إلى أرض الصين يغدو على مسيرة شهر، ويروح على مثل ذلك، ثم عطف يمينه على مطلع الشمس على ساحل البحر، حتى أتى أرض السند وجاوزها، وخرج منها إلى مكران، وكرمان، ثم جاوزها حتى أتى أرض فارس، فنزلها أياما وغدا منها فقال بكسكر ثم راح إلى الشام وكان مستقره بمدينة يؤمر. وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ (٨١)، فنجري ما سخرنا له بحسب ما تقتضيه الحكمة وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ، أي وسخرنا لسليمان من الشياطين الكافرين من يدخلون في البحار ويخرجون الجواهر منها له، وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ، أي غير ذلك من بناء المدن والقصور، وصنع النورة، والطواحين، والقوارير، والصابون، والحمام، لأن