عظيم» ويؤيده القراءة بالرفع والجر كَلَّا أي ارتدعوا عن التطفيف والغفلة عن ذكر البعث، وعلى هذا المعنى يوقف على «كلا» أو «كلا» بمعنى حقا فلا يوقف عليه، وكذا جميع ما يأتي من «كلا» في هذه السورة إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧)، أي إن كتابة أعمال الكفار لفي سجين، وهو موضع في الأرض السابعة السفلى، وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (٨) وهذا تعظيم لأمر سجين، كِتابٌ مَرْقُومٌ (٩) أي إن كتاب الفجار كتاب معلم فيعلم من رآه أنه لا خير فيه،
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) أي الجزاء، وَما يُكَذِّبُ بِهِ أي بذلك اليوم إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أي متجاوز عن المنهج الحق، أَثِيمٍ (١٢) أي مبالغ في ارتكاب الإثم إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا أي القرآن قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣)، أي هذه إخبار الأولين فإن محمدا أخذ عنهم لا من الله تعالى فينكر النبوة، كَلَّا أي حقا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) أي ليس الأمر كما يقوله الكافر من أن ذلك أساطير الأولين، بل غطى على قلوبهم أفعالهم الماضية من الكفر والمعاصي
قال صلّى الله عليه وسلّم: «إن العبد كلما أذنب ذنبا حصل في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه»
«١». كَلَّا أي حقا يا محمد إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) أي إن المكذبين بيوم الدين لممنوعون يوم القيامة عن النظر إلى ربهم، والمؤمنون لا يحجبون عن النظر إلى ربهم، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ (١٦) أي لداخلو النار العظيمة، ثُمَّ إذا دخلوها يُقالُ لهم من جهة الزبانية هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧) أي هذا العذاب هو الذي كنتم تكذبون به في الدنيا، والآن قد عاينتموه فذوقوه، كَلَّا أي لا تكذبوا البعث وكتاب الله أو حقا، إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) أي إن كتابة أعمال الصادقين في إيمانهم لفي عليين، وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (١٩) وهذا تنبيه له صلّى الله عليه وسلّم على أنه معلوم له، كِتابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) أي إن كتاب أعمالهم موضوع في عليين مكتوب في لوح من زبرجد أخضر، معلق تحت عرش الرحمن،
يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) أي يشهد الملائكة المقربون ذلك الكتاب إذا صعد به إلى عليين كرامة للمؤمنين، أو يشهدون بما فيه يوم القيامة لتعظيمه، إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) أي في جنة دائم نعيمها عَلَى الْأَرائِكِ أي الأسرة في الحجال، يَنْظُرُونَ (٢٣) إلى ما شاءوا مدّ أعينهم إليه من أنواع النعيم والعذاب للكفار، تَعْرِفُ يا من يتأتى منك المعرفة فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) أي بهجة التنعم ورونقه من النور والضحك.
وقرأ أبو جعفر وابن أبي إسحاق، وشيبة، وطلحة، ويعقوب، والزعفراني تعرف مبنيا للمفعول ورفع نضرة وعلي بن زيد كذلك إلا أنه قرأ «يعرف» بالياء التحتية، يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ أي شراب خالص مَخْتُومٍ (٢٥)، أي يختم رأس قارورة ذلك الرحيق أوله ختام أي عاقبة