عيسى عليه السلام بإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، ومعرفة ما يخفيه الناس في بيوتهم وحين نام رسول الله ورأسه في حجر علي فانتبه وقد غربت الشمس فردها وصلى وردها مرة أخرى لعلي، فصلى العصر في وقته.
وروي أن طيرا فجع بولده، فجعل يرفرف على رأسه صلّى الله عليه وسلّم ويكلمه فقال: «أيكم فجع هذه بولدها؟» فقال رجل: أنا، فقال: «اردد إليها ولدها»
«١». وأكرمه الله بالمسير إلى بيت المقدس في ساعة، وكان يرسل حماره يعفورا إلى من يريده، فيجيء به وأرسل معاذا إلى بعض النواحي، فلما وصل إلى المفازة فإذا أسد جاثم فهاله ذلك ولم يستجز أن يرجع، فتقدم وقال: أنا رسول رسول الله، فانصرف وانقاد الجن له صلّى الله عليه وسلّم، وحين جاء الأعرابي بالضب وقال: لا أؤمن بك حتى يؤمن بك هذا الضب، فتكلم الضب معترفا برسالته، وحين كفل الظبية حين أرسلها الأعرابي رجعت تعدو حتى أخرجته من الكفالة، كما رد الله لسليمان الشمس مرة، وعلم منطق الطير، وأكرمه الله بمسيره غدوة مسيرة شهر، وانقاد الجن له، فلما كانت رسالته صلّى الله عليه وسلّم كذلك جاز أن يسميها الله تعالى كوثرا فقال: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ.
قال: عطاء الكوثر حوض النبي صلّى الله عليه وسلّم في الموقف والمستفيض عند السلف والخلف أنه نهر في الجنة.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب، ومجراه على الدر والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج»
. وفي رواية أنس أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل فيه طيور خضر، لها أعناق كأعناق البخت من أكل من ذلك الطير، وشرب من ذلك الماء فاز بالرضوان.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «دخلت الجنة فإذا أنا بنهر يجري بياضه بياض اللبن، وأحلى من العسل، وحافتاه خيام الدر، فضربت بيدي إلى مجرى الماء فإذا الثرى مسك أذفر فقلت لجبريل: ما هذا؟ قال: الكوثر الذي أعطاكه الله تعالى»
«٢». فَصَلِّ لِرَبِّكَ أي فدم على الصلاة خالصا لوجه ربك الذي أفاض عليك

(١) رواه أحمد في (م ٣/ ص ١٠٣)، والحاكم في المستدرك (١: ٨٠) وابن أبي شيبة في المصنف (١١: ٤٣٧)، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين (١٠: ٤٩٨)، والآجري في الشريعة (٣٩٦)، والمتقي الهندي في كنز العمال (٣٩١٥٣)، وابن كثير في التفسير (٨:
٥٢٠)، والسيوطي في الدر المنثور (٦: ٤٠٣)، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (١١:
٤٥).
(٢) رواه مسلم في الجهاد باب: ٣١، وأبو داود في الخراج باب: ٢٥، وأحمد (م ٢/ ص ٢٩٢)، والبيهقي في السنن الكبرى (٦: ٣٤)، والطبراني في المعجم الكبير (٨: ٩)، والهيثمي في مجمع الزوائد (٦: ١٦٩)، وابن أبي شيبة في المصنّف (١٤:
٤٧٥)، والبغوي في شرح السنة (١١: ١٥٢)، وعبد الرزاق في المصنف (٩٧٣٩)، -


الصفحة التالية
Icon