والصور: آلة ينفخ فيه. وقال الحسن: الصور مجموع الصورة وكان يقرأ بفتح الواو. وقرأ أبو رزين بفتح الواو وكسر الصاد. والمعنى فإذا نفخ في الأجساد أرواحها فلا قرابة تنفعهم لزوال التعاطف من فرط الحيرة. وأما قوله تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ [الطور: ٢٥] فبعد ذلك. فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ أي فمن كانت له عقائد صحيحة وأعمال صالحة يكون لها قدر عند الله تعالى فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) أي الفائزون بكل مطلوب، الناجون من كل مرهوب وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ أي ومن لم يكن له قدر عنده تعالى من العقائد والأعمال وهم الكفار فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بأن صارت منازلهم من الجنان للمؤمنين فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣) بدل من الصلة تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ أي تضربها وتأكل لحومها وتحرق جلودها وَهُمْ فِيها كالِحُونَ (١٠٤) أي متقلصو الشفتين عن الأسنان من شدة الاحتراق ويقال لهم: أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ في الدنيا تبين لكم بالدلائل الواضحة كيفية سلوك الطريق الحق فَكُنْتُمْ بِها أي بآياتي تُكَذِّبُونَ (١٠٥) فصرتم مستحقين للعذاب الأليم؟ قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا بسوء اختيارنا. وفي قراءة سبعية «شقاوتنا» بفتح الشين.
وقرأ قتادة بالكسر وَكُنَّا بسبب ذلك قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦) عن الحق رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ (١٠٧) أي يا ربنا أخرجنا من النار ومن هذه الدار إلى دار الدنيا فإن عدنا إلى الأعمال السيئة فإنا ظالمون على أنفسنا. قالَ الله لهم بلسان مالك: اخْسَؤُا فِيها أي ذلوا في النار وَلا تُكَلِّمُونِ (١٠٨) بطلب الإخراج من النار وهذا آخر كلامهم في النار فلا يسمع لهم بعد ذلك إلا الزفير، والشهيق، والنباح كنباح الكلاب.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن لهم ست دعوات إذا دخلوا النار قالوا ألف سنة: ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا، فيجابون: حق القول مني. فينادون ألف سنة ثانية: ربنا أمتنا اثنتين، وأحييتنا اثنتين فيجابون: ذلكم بأنه إذا دعى الله وحده كفرتم. فينادون ألف ثالثة: يا مالك ليقض علينا ربك. فيجابون: إنكم ماكثون. فينادون ألفا رابعة: ربنا أخرجنا منها. فيجابون: أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال؟ فينادون ألفا خامسة: أخرجنا نعمل صالحا. فيجابون:
أولم نعمركم؟ فينادون ألفا سادسة: رب ارجعون. فيجابون اخسئوا فيها إِنَّهُ أي الشأن.
وقرأ أبيّ بفتح الهمزة أي «لأنه»، كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ في الدنيا رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) أي أنت أرحم علينا من الوالدين فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا. وقرأ نافع وأهل المدنية، وأهل الكوفة عن عاصم بضم السين في جميع القرآن. وقرأ الباقون بالكسر هاهنا وفي ص.
وقال الخليل وسيبويه. هما لغتان. وقال الكسائي والفراء: الكسر بمعنى الاستهزاء بالقول، والضم بمعنى السخرية والعبودية حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي أي طاعتي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ