فوائد مهمة تتعلق بتفسير القرآن من بدائع الفوائد
لابن القيم رحمه الله تعالى (١)
[قال: فصل] النكرة في سياق النفي تعم، مستفاد من قوله تعالى: ﴿وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ وفي الاستفهام من قوله تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ وفي الشرط من قوله: ﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا﴾ ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ﴾ وفي النهي من قوله تعالى: ﴿وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾
وفي سياق الإثبات، بعموم العلة والمقتضى كقوله: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾
وإذا أضيف إليها "كل" نحو ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ ومن عمومها بعموم المقتضى ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾ فصل
ويستفاد عموم المفرد المحلى باللام من قوله: ﴿إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ وقوله: ﴿وَيَقُولُ الْكَافِرُ﴾ وعموم المفرد المضاف من قوله: ﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ﴾ (وكتابه) (٢).
وقوله: ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ والمراد جميع الكتب التي أحصيت فيها أعمالهم، وعموم الجمع المحلى باللام من قوله: ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ وقوله: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ﴾ وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ﴾ إلى آخرها. والمضاف من قوله: ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾
وعموم أدوات الشرط من قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا﴾ وقوله: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [وقال] ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ وقوله ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ﴾ وقوله: ﴿وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ وقوله: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ وقوله: ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ هذا إذا كان الجواب طلبا مثل هاتين الآيتين.
فإن كان خبرا ماضيا، لم يلزم العموم، كقوله: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾.
وإن كان مستقبلا فالتزموا رد العموم، كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾.
وقوله: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ﴾ وقوله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾.
وقد لا يعم، كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ﴾.
(٢) كتبت الكلمة مرتين مرة بالإفراد، ومرة بالجمع، وجاء في هامش أما نصه: (قرأ أهل البصرة وحفص (وكتبه). وقرأ الآخرون (وكتابه) على التوحيد).