﴿٨٣﴾ ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
لما ذكر تعالى، قارون وما أوتيه من الدنيا، وما صار إليه عاقبة أمره، وأن أهل العلم قالوا: ﴿ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ رغب تعالى في الدار الآخرة، وأخبر بالسبب الموصل إليها فقال: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ﴾ التي أخبر الله بها -[٦٢٥]- في كتبه وأخبرت [بها] رسله، التي [قد] جمعت كل نعيم، واندفع عنها كل مكدر ومنغص، ﴿نَجْعَلُهَا﴾ دارا وقرارا ﴿لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا﴾ أي: ليس لهم إرادة، فكيف العمل للعلو في الأرض على عباد الله، والتكبر عليهم وعلى الحق ﴿وَلا فَسَادًا﴾ وهذا شامل لجميع المعاصي، فإذا كانوا لا إرادة لهم في العلو في الأرض والإفساد، لزم من ذلك، أن تكون إرادتهم مصروفة إلى الله، وقصدهم الدار الآخرة، وحالهم التواضع لعباد الله، والانقياد للحق والعمل الصالح.
وهؤلاء هم المتقون الذين لهم العاقبة، ولهذا قال: ﴿وَالْعَاقِبَةُ﴾ أي حالة الفلاح والنجاح، التي تستقر وتستمر، لمن اتقى الله تعالى، وغيرهم -وإن حصل لهم بعض الظهور والراحة- فإنه لا يطول وقته، ويزول عن قريب. وعلم من هذا الحصر في الآية الكريمة، أن الذين يريدون العلو في الأرض، أو الفساد، ليس لهم في الدار الآخرة، نصيب، ولا لهم منها نصيب (١)

(١) في ب: حظ.


الصفحة التالية
Icon