جوابه:
ليس بتكرار في المعنى، فإن قوله تعالى ذلك جواب لقول أبى جهل (١) ومن تابعه للنبي صلى الله عليه وسلم:
" نشترك في عبادة إلهك وآلهتنا، أعبد آلهتنا عاما ونعبد إلهك عاما "
فأخبر أن ذلك لا يكون، فقوله: (لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣)
صريح في الآن الحاضر فنفى المستقبل كالمسكوت عنه فصرح بنفي ذلك أيضا فيه بقوله تعالى: (وَلَا أَنَا عَابِدٌ) أي في المستقبل، (مَا عَبَدْتُمْ) أي الآن، (وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ) في المستقبل ما أعبده في الحال والاستقبال. وهذا إعلام من الله تعالى له بعدم إيمان أولئك خاصة، كما قال تعالى لنوح عليه السلام: (لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ) عامة، فلا تكرار حينئذ، وهذا من معجزاته - ﷺ -
________
(١) المشهور في أسباب النزول أنها نزلت في الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل،
والأسود بن عبد المطلب، وأمية بن خلف.
ولكن لا مانع من دخول أبى جهل دخولا حتميا لأن الآية لم تنزل بشأن هؤلاء فقط
إنما تزلت بشأن من أمر الله تعالى نبيه بمخاطبتهم بقوله تعالى: (قل يا أيها الكافرون) أي الذيى سيموتون وهم متلبسون بالكفر وعبادة الأصنام، وأبو جهل كان رأسا فيهم، ولم يقل له: وقل للذين كفروا لأنه لا يفيد تلبس الكافر بكفره في المستقبل، فدلت الآية بوصفها الثابت في المصحف على أن المعنى بهم قوم علم الله أزلا أنهم لن يؤمنوا وسيموتون بكفرهم، وقد قال العلماء: بأن هذه الآية من معجزات القرآن لهذا المعنى.