وقال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة: "ولازم المزّي، وقرأ عليه تهذيب الكمال، وصاهره على ابنته، وأخذ عن ابن تيمية ففُتِنَ بحبه، وامتُحِنَ بسببه، وكان كثير الاستحضار، حسن المفاكهة، سارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته، ولم يكن على طريقة المحدثين في تحصيل العوالي، وتمييز العالي من النازل، ونحو ذلك من فنونهم، وإنما هو من محدِّثي الفقهاء، وقد اختصر مع ذلك كتاب ابن الصلاح١، وله فيه فوائد".
ونقل السيوطي في ذيل طبقات الحفّاظ كلام الحافظ ابن حجر في أنه "لم يكن على طريقة المحدثين... " ثم تعقبه بقوله: "العمدة في علم الحديث معرفةُ صحيح الحديث وسقيمه، وعلله واختلاف طرقه، ورجاله جرحًا وتعديلًا، وأما العالي والنازل ونحو ذلك -فهو من الفضلات، لا من الأصول المهمة". وهذا حق.
وقال السيوطي أيضًا: "له التفسير الذي لم يؤلف على نمطه مثله".
وقال العلامة العيني -فيما نقل عنه ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة: "كان قدوة العلماء والحفَّاظ، وعمدة أهل المعاني والألفاظ، وسمع وجمع، وصنَّف ودرس، وحدَّث وألَّف، وكان له اطلاعٌ عظيم في الحديث والتفسير والتاريخ، واشتُهِرَ بالضبط والتحرير، وانتهي إليه

١ كتابه هذا هو "اختصار علوم الحديث". طبع أول مرة في مكة المكرمة بالمطبعة الماجدية سنة ١٣٥٣، بتصحيح أخينا العلامة الكبير الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة، أحد كبار المدرسين الآن بالحرم المكي، ثم شرحته أنا شرحًا متوسطًا، وطُبِعَ في مصر في شهر ذي القعدة سنة ١٣٥٥، ثم أعدت طبعه مرة أخرى مع زيادات وتنقيح في الشرح، في شهر ذي الحجة سنة ١٣٧٠.


الصفحة التالية
Icon