رثَّ الهيئة، فانتسبنا له، فقال: تجار كسبة "تجار كسبة"١، فسمعته يقول: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "ليس منا من لم يَتَغَنَّ بالقرآن" قال: فقلت لابن أبى مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت، قال: يحسنه ما استطاع.
تفرَّد به أبو داود، فقد فهم من هذا أن السلف -رضى الله عنهم، إنما فهموا من التغنِّي بالقرآن إنما هو: تحسين الصوت به وتحزينه، كما قاله الأئمة -رحمهم الله.
ويدل على ذلك أيضًا ما رواه أبو داود٢، حيث قال: ثنا عثمان

١ من "جـ" و"ط". واعلم أن هذه العبارة: "فانتسبنا فقال: تجار كسبة" ليست موجودة في نسخ "أبي داود" المطبوعة، والله أعلم، ثم رأيت الحافظ في "الفتح" "٩/ ٦٩" عزاه لأبي داود وابن الضريس في "فضائل القرآن"، وأبي عوانة في "مستخرجه" من طريق ابن أبي مليكة، عن عُبَيْد الله بن أبي نهيك قال: "لقيني سعد بن أبي وقاص وأنا في السوق فقال: تجار كسبة... ثم ساق الحديث". والاختلاف في صحابي الحديث واضح، ولم أجد الحديث في كتاب ابن الضريس المطبوع. والله أعلم.
ثم اعلم أن الطحاوي ذكر أن قوله في الإسناد: "عُبَيْد الله بن أبي يزيد" غلط صوابه: "ابن أبي نهيك"، وقد وقع ما ذكره الطحاوي في رواية الطبراني "٤٥١٤" التي سبق وذكرناها، وسُئِلَ ابن معين كما في "تاريخه" "٢/ ٣٨٤ -رواية الدوري": "سمع عُبَيْد الله بن أبي يزيد من أبي لبابة؟ قال: لا أدري". أ. هـ.
٢ في "سننه" "١٤٦٨".
وأخرجه البخاري في "خلق الأفعال" "٦٨"، والنسائي في "سننه" "٢/ ١٧٩، ١٨٠"، وفي "فضائل القرآن" "٧٥"، وفي "مجلسان من إملائه" "٤٦"، وابن ماجه "١٣٤٢"، والدارمي "٢/ ٤٧٤"، وأحمد "٤/ ٢٨٣، ٢٨٥، ٣٠٤"، وآخرون من طُرُقٍ عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب مرفوعًا، فذكره.


الصفحة التالية
Icon