﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْه﴾ [المائدة: ٤٨]
قال الغمام أبو جعفر بن جرير -رحمه الله: ثنا المثنى، ثنا عبد الله بن صالح، حدثنى معاوية عن علي -يعني أبي طلحة، عن ابن عباس "في"١ قوله: ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْه﴾، قال: المهيمن الأمين، قال: القرآن أمين على كل كتاب قبله، وفى رواية: شهيدا عليه.
وقال سفيان الثورى وغير واحد من الأئمة، عن أبى اسحاق السبيعي، عن التميمى، عن ابن عباس: ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْه﴾ قال: مؤتمنًا، وبنحو ذلك قال مجاهد والسدي وقتادة وابن جريج والحسن البصرى، وغير واحد من أئمة السلف.
وأصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال: "إذا رقب"٢ الرجل الشىء وحفظه وشهده: "قد هيمن فلان عليه"، فهو مهيمن هيمنة، وهو عليه مهيمن، وفي أسماء الله تعالى: ﴿الْمُهَيْمِنُ﴾ [الحشر: ٢٣] وهو الشهيد على كل شىء، الرقيب الحفيظ بكل شيء.
وأما الحديث الذى اسنده البخارى، أنه -عليه السلام- أقام بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرًا، فهو مما انفرد به البخاري٣ دون
٢ في "جـ": "أرقب".
٣ في "صحيحه" "٩/ ٣- فتح".
وأخرجه النسائي في "الفضائل" "رقم١" عن حسين بن محمد، وأحمد "٢٦٩٦" حدثنا حسن، يعني أبي موسى الأشيب قالَا: حدثنا شيبان، فذكره.
وهذا إسناد صحيح وقال المصنِّف في "تاريخه" "٥/ ٢٥٧": "لم يخرجه مسلم".
وأخرج ابن الضريس في "فضائل القرآن" "١٢٦" بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قال: "كان يقال: أنزل القرآن على نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ثماني سنين بمكة، وعشرًا بعدما هاجر، وكان قتادة يقول: "عشر بمكة وعشر بالمدينة".