حدثني زهير، حدثني الوليد بن قيس، عن عثمان بن حسان العامرى، عن فلفلة الجعفى قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله فى المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن أُنِزَل على نبيكم من سبعة أبواب على سبعة أحرف -أو حروف، وإن الكتاب قبلكم كان ينزل -أو نزل- من باب واحد على حرف واحد.
وهذا١ الذى استدلَّ به أبو بكر -رحمه الله- على رجوع ابن مسعود فيه نظرٌ من جهة أنه لا يظهر من هذا اللفظ رجوع عما كان يذهب إليه، والله أعلم.
وقال أبو بكر٢ أيضًا: حدثنى عمى، ثنا أبو رجاء، أنا اسرائيل عن

١ قلت: هذا الذي عقَّبَ به المصنِّف -رحمه الله- على استدلال ابن أبي داود له وجه قويّ، فإن قيل: قول ابن مسعود هذا يدل على أنه رضي بحرف غيره، فهذا نقيض اعتراضه الأول؟! قيل: إنما أنكر أن يقرأ هو على حرف زيد بن ثابت، ولم ينكر على غيره أن يقرأ، لذلك فهذا الأثر غير صريح في الرجوع، وأقصى ما فيه الإيماء إلى ذلك، وكأن ابن مسعود -رضي الله عنه- أراد تسكين الفتنة، كما فعل في زمان الحج مع عثمان لمَّا أتمَّ الصلاة في منى، وقال: "الخلاف شر" -فرضي الله عنهم أجمعين.
٢ أخرجه ابن أبي داود "ص٢٣-٢٤"، وصحَّح المصنف -رحمه الله- سنده وفيه شيء؛ لأن سماع إسرائيل من جده كان بأخرة، نعم؛ كان الذهبي وغيره يرجح إسرائيل في جده على سفيان وشعبة، ويصفه بأنه "عكاز جدِّه"، وقد توبع إسرائيل، فتباعه غيلانُ بن جامع، عن أبي إسحاق، عن مصعب ابن سعد، فذكر نحوه.
أخرجه ابن أبي داود أيضًا "ص٢٤" من طريق يحيى بن يعلى بن الحارث، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا غيلان به، وهذا سند رجاله ثقات.


الصفحة التالية
Icon