أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر، ليرسلن إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر، فأمر بها مروان فشُقِّقَتْ.
وقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كُتِبَ وحُفِظَ بالمصحف، فخشيت ان طال بالناس زمان، أن يرتاب فى شأن هذه الصحف مرتاب، أو يقول: إنه قد كان شىء منها لم يكتب.
إسناد صحيح.
وأما ما رواه الزُّهريُّ عن خارجة عن أبيه فى شأن آية الأحزاب، والحاقهم إياها فى سورتها، فذكره لهذا بعد جمع عثمان فيه نظر، وإنما هذا كان حال جمع الصديق الصحف، كما جاء مصرحا به فى غير هذه الرواية عن الزهرى، عن عبيد بن السباق، عن زيد بن ثابت، والدليل على ذلك أنه قال: فالحقناها فى سورتها من المصحف، وليست هذه الآية ملحقة فى الحاشية في المصاحف العثمانية.
فهذه الأفعال من أكبر القربات التى بادر إليها الأئمة الراشدون: أبو بكر وعمر -رضى الله عنهما- حفظا على الناس القرآن، وجمعاه لئلَّا يذهب من شيء؛ وعثمان -رضى الله عنه- جمع قراءات الناس على مصحف واحد، ووضعه على العرضة الأخيرة التى عارض بها جبريل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى آخر رمضان من عمره -عليه السلام، فإنه عارضه به عامئذ مرتين، ولهذا قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لفاطمة ابنته لما مرض: "وما أرى ذلك إلّا لاقتراب أجلي".
أخرجاه في "الصحيحين"١.

١ صحيح.
أخرجه البخاري "١١/ ٧٩-٨٠"، ومسلم "١٦/ ٥ - نووي"، =


الصفحة التالية
Icon