"قلت": والذى كان يغلب على زمان السلف الكتابة المتكوفة، ثم هذَّبَهَا أبو على بن مقلة الوزير، وصار له فى ذلك نهجٌ وأسلوب فى الكتابة، ثم قرَّبَها على بن هلال البغدادى المعروف بـ "ابن البواب"، وسلك الناس وراءه، وطريقته فى ذلك واضحة جيدة.
والغرض أن الكتابة لما كانت فى ذلك الزمان لم تحكم جيدا، وقع فى كتابة المصاحف اختلاف فى وضع الكلمات من حيث صناعة الكتابة لا من حيث المعنى، وصنَّف الناس فى ذلك، واعتنى بذلك الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام -رحمه الله- فى كتابة: "فضائل القرآن"، والحافظ أبو بكر بن أبى داود -رحمه الله، فبوَّبَا على ذلك، وذكرا قطعة صالحة هى من صناعة القرآن ليست مقصدنا هاهنا.
ولهذا نصَّ الإمام مالك "رحمه الله"١ على أنه لا توضع المصاحف إلا على وضع كتابة الامام، ورخَّصَ غيره فى ذلك، واختلفوا فى الشكل والنقط، فمن مرخِّصٍ ومن مانعٍ.
فأما كتابة السورة وآياتها والتعشير والأجزاء والأحزاب "فكثر"٢ في مصاحف زماننا، والأولى اتباع السلف الصالح.
ثم قال البخاري٣:

١ ساقط من "أ" و"ط".
٢ في "أ": "فكثير".
٣ كذا نقل ابن كثير -المصنف- رحمه الله عن "صحيح البخاري"؛ والذي فيه: "باب: كاتب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" هكذا بالإفراد، وليس بالجمع، ونقل الحافظ في "الفتح" "٩/ ٢٢" هذا عن المصنف هنا، ثم قال: "لم أقف في شيء من النسخ إلّا بلفظ: "كاتب"، بالإفراد، وهو مطابق لحديث الباب؛ =


الصفحة التالية
Icon