شذوذه، وإن كان التحقيق ما ذكره بعض المحققين أن الجملة الحالية لا تخلو من أن تكون من سبب ذي الحال أو أجنبية- فإن كانت من سببه لزمها العائد والواو- كجاء زيد، وأبوه منطلق- إلا ما شذ من نحو كلمته- فوه- إلى- في- وإن أجنبية لزمتها- الواو- نائبة عن العائد، وقد يجمع بينهما- كقدم بشر وعمرو قادم إليه- وقد جاءت- بلا ولا- كقوله:
ثم انتصبنا جبال الصغد معرضة | عن اليسار وعن أيماننا جدد |
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ المراد- بتلقي- الكلمات استقبالها بالأخذ والقبول والعمل بها، فهو مستعار من استقبال الناس بعض الأحبة- إذا قدم بعد طول الغيبة- لأنهم لا يدعون شيئا من الإكرام إلا فعلوه، وإكرام الكلمات الواردة من الحضرة الأخذ والقبول والعمل بها، وفي التعبير- بالتلقي- إيماء إلى أن آدم عليه السلام كان في ذلك الوقت في مقام البعد ومِنْ رَبِّهِ حال من كَلِماتٍ مقدم عليها، وقيل: متعلق ب فَتَلَقَّى وهي من تلقاه منه بمعنى تلقنه، ولولا خلوّه عما في الأول من اللطافة لتلقيناه بالقبول، وقرأ ابن كثير بنصب آدَمُ ورفع كَلِماتٍ على معنى- استقبلته- فكأنها مكرمة له لكونها سبب العفو عنه، وقد يجعل الاستقبال مجازا عن البلوغ بعلاقة السببية، والمروي في المشهور عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن هذه الكلمات هي رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا [الأعراف: ٢٣] الآية، وعن ابن مسعود أنها، سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، لا إله إلا أنت، ظلمت نفسي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. وقيل: رأى مكتوبا على ساق العرش، محمد رسول الله فتشفع به، وإذا أطلقت الكلمة على عيسى عليه السلام، فلتطلق الكلمات على الروح الأعظم، والحبيب الأكرم صلى الله تعالى عليه وسلم، فما عيسى، بل وما موسى، بل «وما، وما..» إلا بعض من ظهور أنواره، وزهرة من رياض أنواره، وروي غير ذلك فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ التوبة أصلها الرجوع وإذا أسندت إلى العبد كانت- كما في الاحياء- عبارة عن مجموع أمور ثلاثة- علم- وهو معرفة ضرر الذنب، وكونه حجابا عن كل محبوب، وحال يثمره ذلك العلم، وهو تألم القلب بسبب فوات المحبوب، ونسميه ندما، وعمل يثمره الحال- وهو الترك والتدارك- والعزم على عدم العود، وكثيرا ما تطلق على الندم وحده لكونه لازما للعلم مستلزما للعمل.
وفي الحديث «الندم توبة»
وطريق