وتيهانا إذا ذهب متحيرا فليفهم فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً أي واسعا هنيئا ونصبه على المصدرية أو الحالية من ضمير المخاطبين، وفي الكلام إشارة إلى حلّ جميع مواضعها لهم، أو الإذن بنقل حاصلها إلى أي موضع شاؤوا مع دلالة رَغَداً على أنهم مرخصون بالأكل منها- واسعا- وليس عليهم القناعة لسد الجوعة، ويحتمل أن يكون وعدا لهم بكثرة المحصولات وعدم الغلاء، وأخر هذا المنصوب هنا مع تقديمه في آية آدم عليه السلام قبل لمناسبة الفاصلة في قوله تعالى: وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً والخلاف في نصب الْبابَ كالخلاف في نصب هذِهِ الْقَرْيَةَ والمراد بها على المشهور أحد أبواب بيت القدس، وتدعى الآن باب حطة قاله ابن عباس، وقيل: الباب الثامن من أبوابه، ويدعى الآن باب التوبة- وعليه مجاهد- وزعم بعضهم أنها باب القبة التي كانت لموسى وهارون عليهما السلام يتعبدان فيها، وجعلت قبلة لبني إسرائيل في التيه، وفي وصفها أمور غريبة في القصص لا يعلمها إلا الله تعالى وسُجَّداً حال من ضمير ادْخُلُوا والمراد خضعا متواضعين لأن اللائق بحال المذنب التائب والمطيع الموافق الخشوع والمسكنة، ويجوز حمل السجود على المعنى الشرعي، والحال مقارنة أو مقدرة، ويؤيد الثاني ما روي عن وهب في معنى الآية- إذا دخلتموه فاسجدوا شكرا لله أي على ما أنعم عليكم حيث أخرجكم من التيه ونصركم على من كنتم منه تخافون وأعادكم إلى ما تحبون- وقول الزمخشري- أمروا بالسجود عند الانتهاء إلى الباب شكرا لله تعالى وتواضعا- لم نقف على ما يدل عليه من كتاب وسنة، وفسر ابن عباس السجود هنا بالركوع، وبعضهم بالتطامن والانحناء قالوا: وأمروا بذلك لأن الباب كان صغيرا ضيقا يحتاج الداخل فيه إلى انحناء،
وفي الصحيح عن أبي هريرة أنه قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قيل لبني إسرائيل: ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً فدخلوا يزحفون على أستاههم»
وَقُولُوا حِطَّةٌ أي مسألتنا، أو شأنك يا ربنا أن تحط عنا ذنوبنا، وهي فعلة من- الحط- كالجلسة، وذكر أبان أنها بمعنى التوبة وأنشد:
فاز (بالحطة) التي جعل الل | هـ بها ذنب عبده مغفورا |