بالموجب، ونظيره يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ [التوبة: ٦١] وقيل: المعنى قالوا بلسان القال سمعنا وبلسان الحال عصينا، أو سمعنا أحكاما قبل وعصينا فنخاف أن نعصي بعد سماع قولك هذا، وقيل: سَمِعْنا جواب اسْمَعُوا وَعَصَيْنا جواب خُذُوا وقال أبو منصور: إن قولهم عصينا ليس على أثر قولهم سَمِعْنا بل بعد زمان كما في قوله تعالى: ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ فلا حاجة إلى الدفع بما ذكر، وأنت تعلم أنه لا حاجة إلى جميع ذلك بعد ما سمعت كما لا يخفى.
وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ عطف على قالُوا أو مستأنف أو حال بتقدير قد أو بدونه. والعامل قالُوا والإشراب- مخالطة المائع الجامد، وتوسع فيه حتى صار في اللونين، ومنه بياض مشرب بحمرة، والكلام على حذف مضاف أي حب العجل، وجوز أن يكون العجل مجازا عن صورته فلا يحتاج إلى الحذف، وذكر- القلوب- لبيان مكان الإشراب، وذكر المحل المتعين يفيد مبالغة في الإثبات والمعنى داخلهم حب العجل ورسخ في قلوبهم صورته لفرط شغفهم به كما داخل الصبغ الثوب وأنشدوا:
إذا ما القلب «أشرب» حب شيء | فلا تأمل له عنه انصرافا |
تغلغل حيث لم يبلغ «شراب» | ولا حزن ولم يبلغ سرور |
الباء بمعنى مع أي مصحوبا بكفرهم فيكون ذلك كفرا على كفر.
قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ أي بما أنزل عليكم من التوراة حسبما تدعون، وإسناد الأمر إلى الإيمان وإضافته إلى ضميرهم للتهكم كما في قوله تعالى: أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ [هود: ٨٧] والمخصوص بالذم محذوف- أي قتل الأنبياء- وكذا وكذا، وجوّز أن يكون المخصوص مخصوصا بقولهم: عصينا أمرك، وأراه على القرب بعيدا.
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قدح في دعواهم الإيمان بالتوراة وإبطال لها، وجواب الشرط ما فهم من قوله تعالى: فَلِمَ تَقْتُلُونَ إلى آخر الآيات المذكورة في رد دعواهم الإيمان، أو الجملة الانشائية السابقة- إما بتأويل أو بلا تأويل- وتقرير ذلك إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ما رخص لكم إيمانكم بالقبائح التي فعلكم، بل منع عنها فتناقضتم في دعواكم له فتكون باطلا، أو إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بها ف بِئْسَما أمركم به إِيمانُكُمْ بها أو فقد أمركم إيمانكم بالباطل، لكن