تعالى في الحديث القدسي الثابت عند أهل الله
«كنت كنزا مخفيا» إلخ
ظهر لك سر أعظم (١) فرضي الله تعالى عن المجتهد الأقدم «الثانية» أنها ثناء وتعظيم فوجب الإعلان بها لقوله تعالى فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً [البقرة: ٢٠٠] ويرده أن غالب مشتملات الصلاة كذلك أفيجهر بها.
«الثالثة» أن الجهر بذكر الله يدل على الافتخار به وعدم المبالاة بمنكره وهو مستحسن عقلا فيكون كذلك شرعا ولا يخفى إلا ما فيه عيب ثم قال وهذه الحجة قوية في نفسي راسخة في عقلي لا تزول البتة بسبب كلمات المخالفين ويرده ما رد سابقه وقد يخفى الشريف.
ليس الخمول بعار... على امرئ ذي جلال
فليلة القدر تخفى... وتلك خير الليالي
ويا ليت شعري أكان تسبيحه الله تعالى في ركوعه وسجوده معيبا فيخفيه أو جيدا فيجهر به ويبديه ولا أظن بالرجل إلا خيرا فإن الحجة قوية في نفسه راسخة في عقله «الرابعة» ما أخرجه الشافعي عن أنس «أن معاوية صلى بأهل المدينة ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فاعترض عليه المهاجرون والأنصار فأعاد الحديث بمعناه ويرده معارضوه أو يقال لم يقرأ على ظاهره وعلموا ذلك ببعض القرائن وما راء كمن سمعا «الخامسة» ما
روى البيهقي عن أبي هريرة كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم وهو المروي عن عمر وابنه وابن عباس وابن الزبير،
وأما علي
فقد تواتر عنه ومن اقتدى في دينه بعلي فقد اهتدى
ويرده المعارض وبتقدير نفيه يقال: إن الجهر كان أحيانا لغرض وفي الأخبار التي ذكرناها ما يعارض أيضا نسبته إلى عمر وعلي وابن عباس وما زعم من تواتر نسبته إلى علي ممنوع عند أهل السنة، نعم ادعته الشيعة فذهبوا إلى الجهر في السرية والجهرية ولو عمل أحد بجميع ما يزعمون تواتره عن الأمير كفر فليس إلا الإيمان ببعض والكفر ببعض وما ذكره من أن
من اقتدى في دينه بعلي فقد اهتدى
مسلم لكن إن سلم لنا خبر ما كان عليه عليّ رضي الله تعالى عنه ودونه مهامه فيح على أن الشائع عند أهل السنة تقديم ما عليه الشيخان وإذا اختلفا فما عليه الصديق حيث إن النبي صلّى الله عليه وسلم ترقى في التخصيص إليه فقال أولا
«أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»
وثانيا
«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي»
وثالثا
«اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر»
ورابعا
«إن لم تجديني فأتي أبا بكر
«السادسة»
أنها متعلقة بفعل مضمر نحو بإعانة بسم الله اشرعوا ولا شك أن استماع هذه الكلمة ينبه العقل على أنه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله وينبهه على أنه لا يتم شيء من الخيرات إلا إذا وقع الابتداء فيه بذكر الله تعالى وبإظهارها أمر بمعروف ويرده مع ركاكة هذا التقدير وعدم قائل به أن انفهام الأمر بالمعروف من هذه الجملة يحتاج إلى فكر لو صرف عشر معشاره في قوله تعالى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ لحصل ضعف أضعافه من دون غائلة كثيرة فيغني عنه ثم إنه رحمه الله تعالى ذكر كلاما لا ينفع إلا في تكثير السواد وإرهاب ضعفاء الطلبة بجيوش المداد.
«البحث الثالث في معناها» فالباء إما للاستعانة أو المصاحبة أو الإلصاق أو الاستعلاء أو زائدة أو قسمية والأربعة الأخيرة ليست بشيء وإن استؤنس لبعض ببعض الآيات واختلف في الأرجح من الأولين فالذي يشعر به كلام البيضاوي أرجحية الأول وأيد بأن جعله للاستعانة يشعر بأن له زيادة مدخل في الفعل حتى كأنه لا يتأتى ولا يوجد

(١) ففي المنزل جل شأنه وخلوة وجلوة وفي المنزل عليه كذلك فروعي ذلك في المنزل أيضا ليظهر التناسب بينه وبين الطرفين وخلوة كل وجلوته بمعنى يليق به والله تعالى الموفق اهـ منه.


الصفحة التالية
Icon