الأعلام الغالبة وبعده من الأعلام الخاصة، وادعى ابن مالك أن الله من الأعلام التي قارن وضعها أل وليس أصله الإله ثم قال ولو لم يرد على من قال ذلك إلا أنه ادعى ما لا دليل عليه لكان ذلك كافيا لأن الله والإله مختلفان لفظا ومعنى، أما لفظا فلأن أحدهما معتل العين، والثاني مهموز الفاء صحيح العين واللام فهما من مادتين، فردهما إلى أصل واحد تحكم من سوء التصريف «وأما معنى» فلأن الله خاص به تعالى جاهلية وإسلاما والإله ليس كذلك لأنه اسم لكل معبود ومن قال أصله الإله لا يخلو حاله من أمرين لأنه إما أن يقول: إن الهمزة حذفت ابتداء ثم أدغمت اللام أو يقول: إنها نقلت حركتها إلى اللام قبلها وحذفت على القياس وهو باطل، أما الأول فلأنه ادعى حذف الفاء بلا سبب ولا مشابهة ذي سبب من ثلاثي فلا يقاس بيد لأن الآخر وكذا ما يتصل به محل التغيير ولا بعدة مصدر يعد لحمله على الفعل فحذف للتشاكل ولا برقة بمعنى ورق لشبهه بعدة وزنا وإعلالا ولولا أنه بمعناه لتعين إلحاقه بالثنائي المحذوف اللام كلثة، وأما ناس وأناس فمن نوس وأنس على أن الحمل عليه على تقدير تسليم الأخذ زيادة في الشذوذ وكثرة مخالفة الأصل بلا سبب يلجىء لذلك «وأما الثاني» فلأنه يستلزم مخالفة الأصل من وجوه، أحدها نقل حركة بين كلمتين على سبيل اللزوم، ولا نظير له، والثاني نقل حركة همزة إلى مثل ما بعدها وهو يوجب اجتماع مثلين متحركين وهو أثقل من تحقيق الهمزة بعد ساكن، الثالث من مخالفة الأصل تسكين المنقول إليه الحركة فيوجب كونه عملا كلا عمل وهو بمنزلة من نقل في بئس ولا يخفى ما فيه من القبح مع كونه في كلمة فما هو في كلمتين أمكن في الاستقباح وأحق بالإطراح، الرابع إدغام المنقول إليه فيما بعد الهمزة وهو بمعزل عن القياس لأن الهمزة المنقولة الحركة في تقدير الثبوت فإدغام ما قبلها فيما بعدها كإدغام أحد المنفصلين، وقد اعتبر أبو عمرو في الإدغام الكبير الفصل بواجب الحذف نحو يَبْتَغِ غَيْرَ [آل عمران: ٨٥] فلم يدغم فاعتبار غير واجب الحذف أولى ومن زعم أن أصله إله يقول: إن الألف واللام عوض من الهمزة ولو كان كذلك لم يحذفا في لاه أبوك أي لله أبوك إذ لا يحذف عوض ومعوض في حالة واحدة وقالوا لهى أبوك أيضا فحذفوا لام الجر والألف واللام وقدموا الهاء وسكنوها فصارت الألف ياء وعلم بذلك أن الألف كانت منقلبة لتحركها وانفتاح ما قبلها فلما وليت ساكنا عادت إلى أصلها وفتحتها فتحة بناء، وسبب البناء تضمن معنى التعريف عند أبي علي (١) ومعنى حرف التعجب إذ لم يقع في غيره وإن لم يوضع له حرف عندي وهو مع بنائه في موضع جر باللام المحذوفة واللام ومجرورها في موضع رفع خبر أبوك اهـ ملخصا، قال ناظر الجيش: إنه لا مزيد عليه في الحسن، وأنا أقول لا بأس به لولا قوله: إن الإله اسم لكل معبود فقد بالغ البلقيني في رده وادعى أنه لا يقع إلا على المعبود بالحق جل شأنه ومن أطلقه على غيره حكم الله تعالى بكفره وأرسل الرسل لدعائه وكان نظير إطلاق النصارى الله على عيسى على أن فيه ما يمكن الجواب عنه كما لا يخفى واشتقاقه من أله كعبد إلاهة كعبادة وألوهة كعبودة وألوهية كعبودية فإله صفة مشبهة بمعنى مألوه ككتاب بمعنى مكتوب وكونه مصدرا كما ذهب إليه المرزوقي وصاحب المدارك خلاف المشهور أو من أله كفرح إذا تحير لتحير العقول في كنه ذاته وصفاته وفيه أن الأصل في الاشتقاق أن يكون لمعنى قائم بالمشتق والحيرة قائمة بالخلق لا بالحق أو من ألهت إلى فلان إذا سكنت إليه أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: ٢٨] أو من له إذا فزع والله مفزوع إليه وهو يجير ولا يجار عليه أو من أله الفصيل إذا ولع بأمه والعباد مولعون بالتضرع إليه في الشدائد، وقيل هو من وله الواوي بمعنى تحير أيضا وأصله ولاه فقلبت الواو همزة لاستثقال الكسرة عليها فهو كإعاء وإشاح في وعاء ووشاح ويرده الجمع على آلهة دون أولهة وقلب الواو ألفا إذا

(١) وأورد عليه أن الألف واللام في الله زائدة في التسمية مستغنى عن معناها بالعلمية وإذا حذفت لم يبق لها معنى يتضمن فلذا عدل عنه لكن قد يجاب بأن القول بزيادتها ليس متعينا عند أبي علي: وتمام الكلام في التسهيل وبعضه في الشهاب اهـ منه.


الصفحة التالية
Icon