انتهى، وفي القلب منه شيء فإن الألوهية مكررة أيضا كما ترى وعندي بمسلك صوفي أن ذكر الرحمن الرحيم تفصيل من وجه لما في رب العالمين من الإجمال وذلك أن التربية تنقسم ببعض الاعتبارات إلى قسمين، أحدهما التربية بغير واسطة كالكلمة لأنه لا يتصور في حقه واسطة البتة، وثانيهما التربية بواسطة كما فيمن دون الكلمة وهذا الثاني له قسمان أيضا، قسم ممزوج بألم كما في تربية العبد بأمور مؤلمة له شاقة عليه، وقسم لا مزج فيه كما في تربية كثير ممن شمله اللطف السبحاني.

غافل والسعادة احتضنته وهو عنها مستوحش نفار
فالرحمن يشير إلى التربية بالوسائط وغيرها في عالمه والرحيم يشير إلى التربية بلا واسطة في كلماته ورحمة الرحمن أيضا قد تمزج بالألم كشرب الدواء الكره الطعم والرائحة فإنه وإن كان رحمة بالمريض لكن فيه ما لا يلائم طبعه ورحمة الرحيم لا يمازجها شوب فهي محض النعمة ولا توجد إلا عند أهل السعادات الكاملة.
اللهم اجعلنا سعداء الدارين بحرمة سيد الثقلين صلى الله تعالى عليه وسلم مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قرأ مالك كفاعل مخفوضا عاصم والكسائي وخلف في اختياره ويعقوب وهي قراءة العشرة إلا طلحة والزبير وقراءة كثير من الصحابة، منهم أبيّ وابن مسعود ومعاذ وابن عباس، والتابعين منهم قتادة والأعمش، وقرأ ملك كفعل بالخفض أيضا باقي السبعة وزيد وأبو الدرداء وابن عمرو والمسور وكثير من الصحابة والتابعين، وقرأ ملك على وزن سهل أبو هريرة وعاصم الجحدري ورواها الجعفي وعبد الوارث عن أبي عمرو وهي لغة بكر بن وائل، وقرأ ملكي بإشباع كثرة الكاف أحمد بن صالح عن ورش عن نافع، وقرأ ملك على وزن عجل أبو عثمان والشعبي وعطية، وقرأ أنس بن مالك وأبو نوفل عمرو بن مسلم البصري ملك يوم الدين بنصب الكاف من غير ألف، وقرأ كذلك إلا أنه رفع الكاف سعد بن أبي وقاص وعائشة، وقرأ ملك فعلا ماضيا أبو حنيفة على ما قيل وأبو حيوة وجبير بن مطعم وأبو عاصم عبيد بن عمير الليثي وينصبون اليوم وذكر ابن عطية أن هذه قراءة علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه والحسن ويحيى بن يعمر، وقرأ مالك بالنصب الأعمش أيضا وابن السميفع وعثمان بن أبي سليمان وعبد الملك قاضي الهند، وذكر ابن عطية أنها قراءة عمر بن عبد العزيز وأبي صالح السمان وروى ابن عاصم عن اليماني مالكا بالنصب والتنوين، وقرأ مالك برفع الكاف والتنوين، ورويت عن خلف وابن هشام وأبي عبيد وأبي حاتم فينصب اليوم، وقرأ مالك يوم بالرفع والإضافة أبو هريرة وأبو حيوة وعمر بن عبد العزيز بخلاف عنهم ونسبها صاحب اللوامع إلى ابن شداد العقيلي البصري وقرأ مليك كفعيل أبو هريرة في رواية وأبو رجاء العطاردي، وقرأ مالك بالامالة البليغة يحيى بن يعمر وأيوب السختياني وببين بين قتيبة بن مهران عن الكسائي ولم يطلع على ذلك أبو علي الفارسي فقال لم يمل أحد وذكر أنه قرأ ملاك بالألف وتشديد اللام وكسر الكاف فهذه عدة قراءات ذكرتها لغرابة وقوع مثلها في كلمة واحدة بعضها راجعة إلى الملك وبعضها إلى المالك، قال بعض اللغويين: وهما راجعان إلى الملك وهو الشد والربط ومنه ملك العجين وأنشدوا قول قيس بن الحطيم:
ملكت بها كفي فأنهرت فتقها يرى قائما من دونها ما وراءها
والمتواتر منها قراءة مالك وملك فهما نيرا سواريها وقطبا فلك دراريها، واختلف في الأبلغ منهما قال الزمخشري: وملك هو الاختيار لأنه قراءة أهل الحرمين ولقوله تعالى: لِمَنِ الْمُلْكُ [غافر: ١٦] ولقوله تعالى مَلِكِ النَّاسِ [الناس: ٢] ولأن الملك يعم والملك يخص ورجحه صاحب الكشف أيضا بأنه يلزم على قراءة مالك نوع


الصفحة التالية
Icon