لك العز إن مولاك عز وإن يهن | فأنت لدي بحبوحة الهون كائن |
ومسألة حصول العرش من أشكل المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه من الإيجاد والإعدام فما قطع العرش مسافة ولا زويت له أرض ولا خرقها اه ملخصا. وله تتمة ستأتي إن شاء الله تعالى، وما ذكره من أنه كان بالإعدام والإيجاد مما يجوز عندي وإن لم أقل بتجدد الجواهر تجدد الأعراض عند الأشعري إلا أنه خلاف ظاهر الآية. واستدل بها على ثبوت الكرامات.
وأنت تعلم أن الاحتمال يسقط الاستدلال. وعلل عليه السلام تفضله تعالى بذلك عليه بقوله: لِيَبْلُوَنِي أي ليعاملني معاملة المبتلى أي المختبر أَشْكُرُ على ذلك بأن أراه محض فضله تعالى من غير حول من جهتي ولا قوة وأقوم بحقه أَمْ أَكْفُرُ بأن أجد لنفسي مدخلا في البين أو أقصر في إقامة مواجبه كما هو شأن سائر النعم الفائضة على العباد، وأخرج ابن المنذر وابن جرير عن ابن جريج أن المعنى ليبلوني أأشكر إذا أتيت بالعرش أم أكفر إذا رأيت من هو أدنى مني في الدنيا أعلم مني، ونقل مثله في البحر عن ابن عباس والظاهر عدم صحته، وأبعد منه عن الصحة ما أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي أنه قال لما رآه مستقرا عنده جزع وقال: رجل غيري أقدر على ما عند الله عز وجل مني، ولعل الحق الجزم بكذب ذلك، وجملة أَأَشْكُرُ إلخ في موضع نصب على أنها مفعول ثان لفعل البلوى وهو معلق بالهمزة عنها إجراء له مجرى العلم وإن لم يكن مرادفا له.
وقيل: محله النصب على البدل من الياء وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ أي لنفعها لأنه يربط به القيد ويستجلب المزيد ويحط به عن ذمته عبء الواجب ويتخلص عن وصمة الكفران وَمَنْ كَفَرَ أي لم يشكر فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ عن شكره كَرِيمٌ بترك تعجيل العقوبة والأنعام مع عدم الشكر أيضا، والظاهر أن من شرطية والجملة المقرونة بالفاء جواب الشرط، وجوز أن يكون الجواب محذوفا دل عليه ما قبله من قسيمه والمذكور قائم مقامه أي ومن كفر فعلى نفسه أي فضرر كفرانه عليها. وتعقب بأنه لا يناسب قوله: كَرِيمٌ وجوز أيضا أن تكون من موصولة ودخلت الفاء في الخبر لتضمنها معنى الشرط قالَ أي سليمان عليه السلام كررت الحكاية مع كون المحكي سابقا ولاحقا من كلامه عليه السلام تنبيها على ما بين السابق واللاحق من المخالفة لما أن الأول من باب الشكر لله عز وجل والثاني أمر لخدمه نَكِّرُوا لَها عَرْشَها أي اجعلوه بحيث لا يعرف ولا يكون ذلك إلا بتغييره عما كان