على طريق الاتفاق بِاللَّغْوِ بما ينبغي أن يلغى ويطرح مما لا خير فيه مَرُّوا كِراماً أي مكرمين أنفسهم عن الوقوف عليه والخوض فيه معرضين عنه.
وفسر الحسن اللغو كما أخرج عنه ابن أبي حاتم بالمعاصي، وأخرج هو وابن عساكر عن إبراهيم بن ميسرة قال:
بلغني أن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه مرّ بلهو معرضا ولم يقف فقال النبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم لقد أصبح ابن مسعود وأمسى كريما ثم تلا إبراهيم وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً.
وقيل: المراد باللغو الكلام الباطل المؤذي لهم أو ما يعمه والفعل المؤذي وبالكرم العفو والصفح عمن آذاهم، وإليه يشير ما أخرجه جماعة عن مجاهد أنه قال في الآية: إذا أوذوا صفحوا وجعل الكلام على هذا بتقدير مضاف أي إذا مروا بأهل اللغو أعرضوا عنهم كما قيل:
ولقد أمر على اللئيم يسبني | فمضيت ثمت قلت لا يعنيني |
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ بتوفيقهم للطاعة كما روي عن ابن عباس والحسن وعكرمة ومجاهد فإن المؤمن الصادق إذا رأى أهله قد شاركوه في الطاعة قرت بهم عينه وسر قلبه وتوقع نفعهم له في الدنيا حيا وميتا ولحوقهم به في الأخرى، وذكر أنه كان في أول الإسلام يهتدي الأب والابن كافر والزوج والزوجة كافرة فلا يطيب عيش ذلك المهتدي فكان يدعو بما ذكر، وعن ابن عباس قرة عين الوالد بولده أن يراه يكتب الفقه، ومن ابتدائية متعلقة بهب أي هب لنا من جهتهم.
وجوز أن تكون بيانية كأنه قيل: هب لنا قرة أعين ثم بينت القرة وفسرت بقوله سبحانه: مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا وهذا مبني على مجيء من للبيان وجواز تقدم المبين على المبين، وقرة العين كناية عن السرور والفرح وهو مأخوذ من القر وهو البرد لأن دمعة السرور باردة ولذا يقال في ضده: أسخن الله تعالى عينه، وعليه قول أبي تمام:
فأما عيون العاشقين فأسخنت | وأما عيون الشامتين فقرت |