النحويون أن مادته همزة وحاء ودال ومادة أحد بمعنى واحد أصله واو وحاء ودال فقد اختلفا مادة ومدلولا.
وذكر أن ما في قوله تعالى: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة: ٢٨٥] يحتمل أن يكون الذي للنفي العام ويحتمل أن يكون بمعنى واحد، ويكون قد حذف معطوف أي بين واحد وواحد من رسله كما قال الشاعر:
فما كان بين الخير لو جاء سالما | أبو حجر إلا ليال قلائل |
كأن رحلي وقد زال النهار بنا | بذي الجليل على مستأنس وحد |
وهو محتمل لدعوى انقلاب همزته عن واو مطلقا ولدعوى انقلابها عنها في الاستعمال الأخير.
ولا يخفى على المنصف أن كون المعنى في الآية ما ذكره الزمخشري أظهر، وتفضيل كل واحدة من نسائه صلّى الله عليه وسلم على كل واحدة واحدة من سائر النساء لا يلزم أن يكون لهذه الآية بل هو لدليل آخر إما عقلي أو نص مثل قوله تعالى: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [الأحزاب: ٦] وقيل يجوز أن يكون ذلك لها فإنها تفيد بحسب عرف الاستعمال تفضيل كل منهن على سائر النساء لأن فضل الجماعة على الجماعة يكون غالبا لفضل كل منها.
إِنِ اتَّقَيْتُنَّ شرط لنفي المثلية وفضلهن على النساء وجوابه محذوف دل عليه المذكور والاتقاء بمعناه المعروف في لسان الشرع، والمفعول محذوف أي إن اتقيتن مخالفة حكم الله تعالى ورضا رسوله صلّى الله عليه وسلم، والمراد إن دمتن على اتقاء ذلك ومثله شائع أو هو على ظاهره والمراد به التهييج بجعل طلب الدنيا والميل إلى ما تميل إليه النساء لبعده من مقامهن بمنزلة الخروج من التقوى أو شرط جوابه قوله تعالى:
فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ والاتقاء بمعناه الشرعي أيضا، وفي البحر أنه بمعنى الاستقبال أي إن استقبلتن أحدا فلا تخضعن، وهو بهذا المعنى معروف في اللغة قال النابغة:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه | فتناولته واتقتنا باليد |