النسبة وإنما هو من مجاز الأول على أن العين منبع الماء ولا حاجة إليه اهـ فتأمل.
وقال بعضهم: القطر النحاس وعين بمعنى ذات ومعنى أسلنا أذبنا فالمعنى أذبنا له النحاس على نحو ما كان الحديد يلين لداود عليه السّلام فكانت الأعمال تتأتى منه وهو بارد دون نار ولم يلن ولا ذاب لأحد قبله والظاهر المؤيد بالآثار أنه تعالى جعله في معدنه عينا تسيل كعيون الماء.
أخرج ابن المنذر عن عكرمة أنه قال في الآية: أسأل الله تعالى له القطر ثلاثة أيام يسيل كما يسيل الماء قيل: إلى أين؟ قال: لا أدري. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: سيلت له عين من نحاس ثلاثة أيام، وفي البحر عن ابن عباس والسدي ومجاهد قالوا، أجريت له عليه السّلام ثلاثة أيام بلياليهن وكانت بأرض اليمن، وفي رواية عن مجاهد أن النحاس سال من صنعاء وقيل: كان يسيل في الشهر ثلاثة أيام.
وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ يحتمل أن يكون الجار والمجرور متعلقا بمحذوف هو خبر مقدم ومِنَ في محل رفع مبتدأ ويحتمل أن يكون متعلقا بمحذوف وقع حالا مقدما من مِنَ وهي في محل نصب عطف على الرِّيحَ وجوز أن يكون مِنَ الْجِنِّ عطفا على الريح على أن من للتبعيض ومَنْ يَعْمَلُ بدل منه وهو تكلف ويَعْمَلُ إما منزل منزلة اللازم أو مفعوله مقدر يفسره ما سيأتي إن شاء الله تعالى ليكون تفصيلا بعد الإجمال وهو أوقع في النفس بِإِذْنِ رَبِّهِ بأمره عزّ وجلّ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا أي ومن يعدل منهم عما أمرناه به من طاعة سليمان عليه السّلام. وقرىء «يزغ» بضم الياء من أزاغ مبنيا للفاعل ومفعوله محذوف أي من يمل ويصرف نفسه أو غيره، وقيل مبنيا للمفعول فلا يحتاج إلى تقدير مفعول نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ أي عذاب النار في الآخرة كما قال أكثر المفسرين وروي ذلك عن ابن عباس، وقال بعضهم: المراد تعذيبه في الدنيا.
روي عن السدي أنه عليه السّلام كان معه ملك بيده سوط من نار كل ما استعصى عليه جني ضربه من حيث لا يراه الجني.
وفي بعض الروايات أنه كان يحرق من يخالفه، واحتراق الجني مع أنه مخلوق من النار غير منكر فإنه عندنا ليس نارا محضة وإنما النار أغلب العناصر فيه.


الصفحة التالية
Icon