إتقان الشيء علما وعملا وقيل: كمال حاصل باستكمال النفس الإنسانية باقتباس العلوم النظرية واكتساب الملكة التامة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها وفسرها كثير من الحكماء بمعرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه بقدر الطاقة البشرية. ولهم تفسيرات أخر وما لها وما عليها من الجرح والتعديل مذكوران في كتبهم ومن حكمته
قوله لابنه: أي بني إن الدنيا بحر عميق وقد غرق فيها ناس كثير فاجعل سفينتك فيها تقوى الله تعالى وحشوها الإيمان وشراعها التوكل على الله تعالى لعلك أن تنجو ولا أراك ناجيا، وقوله: من كان له من نفسه واعظ كان له من الله عزّ وجلّ حافظ ومن أنصف الناس من نفسه زاده الله تعالى بذلك عزا والذل في طاعة الله تعالى أقرب من التعزز بالمعصية وقوله: ضرب الوالد لولده كالسماد للزرع وقوله: يا بني إياك والدّين فإنه ذلّ النهار وهم الليل وقوله يا بني ارج الله عزّ وجلّ رجاء لا يجزيك على معصيته تعالى وخف الله سبحانه خوفا لا يؤيسك من رحمته تعالى شأنه، وقوله: من كذب ذهب ماء وجهه ومن ساء خلقه كثر غمه ونقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم، وقوله: يا بني حملت الجندل والحديد وكل شيء ثقيل فلم أحمل شيئا هو أثقل من جار السوء، وذقت المرار فلم أذق شيئا هو أمر من الفقر، يا بني لا ترسل رسولك جاهلا فإن لم تجد حكيما فكن رسول نفسك، يا بني إياك والكذب فإنه شهي كلحم العصفور عما قليل يغلي صاحبه، يا بني احضر الجنائز ولا تحضر العرس فإن الجنائز تذكرك الآخرة والعرس يشهيك الدنيا، يا بني لا تأكل شبعا على شبع فإن القاءك إياه للكلب خير من أن تأكله، يا بني لا تكن حلوا فتبلع ولا مرا فتلفظ، وقوله لابنه:
لا يأكل طعامك إلا الأتقياء وشاور في أمرك العلماء، وقوله: لا خير في أن تتعلم ما لم تعلم ولما تعمل بما قد علمت فإن مثل ذلك رجل احتطب حطبا فحمل حزمة وذهب يحملها فعجز عنها فضم إليها أخرى، وقوله: يا بني إذا أردت أن تؤاخي رجلا فأغضبه قبل ذلك فإن أنصفك عند غضبه وإلا فاحذره، وقوله: لتكن كلمتك طيبة وليكن وجهك بسطا تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء، وقوله: يا بني أنزل نفسك من صاحبك منزلة من لا حاجة له بك ولا بد لك منه، يا بني كن كمن لا يبتغي محمدة الناس ولا يكسب ذمهم فنفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، وقوله: يا بني امتنع بما يخرج من فيك فإنك ما سكت سالم وإنما ينبغي لك من القول ما ينفعك
إلى غير ذلك مما لا يحصى أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ أي أي أشكر على أن أَنِ تفسيرية وما بعدها تفسير لإيتاء الحكمة وفيه معنى القول دون حروفه سواء كان بإلهام أو وحي أو تعليم.
وجوز أن يكون تفسيرا للحكمة باعتبار ما تضمنه الأمر، وجعل الزجاج أَنِ مصدرية بتقدير اللام التعليلية ولا يفوت معنى الأمر كما مرّ تحقيقه.
وحكى سيبويه كتبت إليه بأن قم، والجار متعلق بآياتنا، وجوز كونها مصدرية بلا تقدير على أن المصدر بدل اشتمال من الحكمة، وهو بعيد وَمَنْ يَشْكُرْ إلخ استئناف مقرر لمضمون ما قبله موجب للامتثال بالأمر أي ومن يشكر له تعالى فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ لأن نفعه من ارتباط القيد واستجلاب المزيد والفوز بجنة الخلود مقصورة عليها وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عن كل شيء فلا يحتاج إلى الشكر ليتضرر بكفر من كفر حَمِيدٌ حقيق بالحمد وإن لم يحمده أحد أو محمود بالفعل ينطق بحمده تعالى جميع المخلوقات بلسان الحال، فحميد فعيل بمعنى محمود على الوجهين، وعدم التعرض لكونه سبحانه وتعالى مشكورا لما أن الحمد متضمن للشكر بل هو رأسه كما
قال صلى الله تعالى عليه وسلم: «الحمد رأس الشكر لم يشكر الله تعالى بعد لم يحمده»
فإثباته له تعالى إثبات للشكر له قطعا، وفي اختيار صيغة المضي في هذا الشق قيل: إشارة إلى قبح الكفران وأنه لا ينبغي إلا أن يعد في خبر كان، وقيل:
إشارة إلى أنه كثير متحقق بخلاف الشكر وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ [سبأ: ١٣] وجواب الشرط محذوف قام مقامه قوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ إلخ، وكان الأصل ومن كفر فإنما يكفر على نفسه لأن الله غني حميد، وحاصله ومن


الصفحة التالية
Icon