وقدرة، والظاهر أنهم لم يدعوهما لها وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان: ٢٥، الزمر:
٣٨].
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه والسلمي وعيسى وابن مقسم «عجّاب» بشد الجيم وهو أبلغ من المخفف، وقال مقاتل عُجابٌ لغة أزد شنوءة،
أخرج أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وغيرهم عن ابن عباس قال: لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا: إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويقول ويقول فلو بعثت إليه فنهيته فبعث إليه فجاء النبي صلّى الله عليه وسلم فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس فخشي أبو جهل إن جلس إلى أبي طالب أن يكون أرق عليه فوثب فجلس في ذلك المجلس فلم يجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم مجلسا قرب عمه فجلس عند الباب فقال له أبو طالب: أي ابن أخي ما بال قومك يشكونك يزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول قال وأكثروا عليه من القول وتكلم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها يدين لهم بها العرب وتؤدي إليهم بها العجم الجزية ففرحوا لكلمته ولقوله فقال القوم: ما هي؟ وأبيك لنعطينكها وعشرا قال: لا إله إلا الله فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون: أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب.
وفي رواية أنهم قالوا: سلنا غير هذا فقال عليه الصلاة والسلام «لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها» فغضبوا وقاموا غضابا وقالوا والله لنشتمنك وإلهك الذي يأمرك بهذا.
وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أي وانطلق الأشراف من قريش من مجلس أبي طالب بعد ما بكّتهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وشاهدوا تصلبه في الدين ويئسوا مما كانوا يرجونه منه عليه الصلاة والسلام بواسطة عمه وكان منهم أبو جهل والعاص ابن وائل والأسود بن المطلب بن عبد يغوث وعقبة بن أبي معيط.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مجلز قال: قال رجل يوم بدر ما هم إلا النساء فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: بل هم الملأ وتلا وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ
أَنِ امْشُوا الظاهر أنه أمر بالمشي بمعنى نقل الأقدام عن ذلك المجلس، وأَنِ مفسرة فقيل في الكلام محذوف وقع حالا من الملأ أي انطلق الملأ يتحاورون والتفسير لذلك المحذوف وهو متضمن معنى القول دون لفظه، وقيل لا حاجة إلى اعتبار الحذف فإن الانطلاق عن مجلس التقاول يستلزم عادة تفاوض المنطلقين وتحاورهم بما جرى فيه وتضمن المفسر لمعنى القول أعم من كونه بطريق الدلالة وغيرها كالمقارنة ومثل ذلك كاف فيه، وقيل الانطلاق هنا الاندفاع في القول فهو متضمن لمعنى القول بطريق الدلالة، وإطلاق الانطلاق على ذلك الظاهر أنه مجاز مشهور نزل منزلة الحقيقة، وجوز أن يكون التجوز في الإسناد وأصله انطلقت ألسنتهم والمعنى شرعوا في التكلم بهذا القول، وقال بعضهم: المراد بامشوا سيروا على طريقتكم وداوموا على سيرتكم، وقيل هو من مشت المرأة إذا كثرت ولادتها ومنه الماشية وسميت بذلك لأنها من شأنها كثرة الولادة أو تفاؤلا بذلك والمراد لازم معناه أي أكثروا واجتمعوا، وقيل هو دعاء بكثرة الماشية افتتحوا به كلامهم للتعظيم كما يقال اسلم أيها الأمير واختاروه من بين الأدعية لعظم شأن الماشية عندهم. وتعقب بأنه خطأ لأن فعله مزيد يقال أمشى إذا كثرت ماشيته فكان يلزم قطع همزته والقراءة بخلافه مع أن إرادة هذا المعنى هنا في غاية البعد، وأيا ما كان فالبعض قال للبعض ذلك، وقيل قال الأشراف لأتباعهم وعوامهم، وقرىء «امشوا» بغير أن على إضمار القول دون إضمارها أي قائلين امشوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ أي اثبتوا على عبادتها متحملين لما تسمعونه في حقها من القدح.
وقرأ ابن مسعود «وانطلق الملأ منهم يمشون أن اصبروا» فجملة «يمشون» حالية أو مستأنفة والكلام في «أن صبروا» كما في «أن امشوا» سواء تعلق بانطلق أو بما يليه إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ تعليل للأمر بالصبر أو لوجوب


الصفحة التالية
Icon